كتاب المعجم الاشتقاقي المؤصل (اسم الجزء: 1)

ترعاه الماشية مما يَنْبُت من الأرض "، والكلأ كذلك، إلا أنه نُصّ في معنى الكلأ على أنه يقع على العُشْب الرَطْب كما يقع على اليابس منه، ولم يُنَصّ في معنى المرعى على ذلك، لكن الواقع يشهد أن المرعى يختلط فيه اليابس بالرَطْب. فالأبّ، والكلأ والمرعى كأنهن سواء من هذه الناحية، وتفسير الأبّ بأيٍّ منهما هو الدقيق.
ويؤيد هذا ما أنشده ابن دريد:
جِذْمُنا قَيْسٌ، ونَجدٌ دارُنا ... ولنا الأبُّ به والمَكْرَعُ
فَقَرَنه بالكَرْع الذي هو شُرب الأنعام؛ فدل ذلك على أن الأَبَّ هو مرعاها [جذمنا قيس: أي أصلنا قبيلة قيس]. وكذلك قوله: {فأنبتَّ أَبًّا وغُلْبَ الشجر}
فقرنه بغُلْب الشجر، وهي عظامها، فدلّ على أنه من صغارها، كالغالب في حالة المَرعَى. والقَضْبُ أغصان دقيقة أيضًا. وفي حديث قُسّ: "فجعل يَرْتع أبّا، وأَصيدُ ضبّا "والرتْع للبهائم في المرعى (¬1).
¬__________
(¬1) أ: لتوثيق ينظر [ل أبب]، [قر 19/ 223]، والغريبين للهروي 1/ 27، والتهذيب للأزهري 15/ 599 والمعاني للفراء 3/ 283.
ب: وبما حررناه - يستبعد تفسير (ثعلب) الأبّ بـ "كل ما أنبتت الأرض "؛ لأن مما تنبته ما ليس متاعا للأنعام، أي ما ليس مرعى أساسيًّا لها كالفواكه، ومنه ما هو سمٌّ لها كالدِفْلَى، وكذا يستبعد تفسير الفراء إياه بـ "كل ما تأكله الأنعام "؛ لأن التِبْن ليس من الأبّ، والبقرة الجلالة مثلًا تأكل الجِلة. ويستبعد تنظير (مجاهد) إياه بالفاكهة للناس؛ لأن الأَبّ علف أساسي - لا كالفاكهة، ثم إن هذا تخصيص لا أصل له. أما الخَضِر فإذا قُصِد المرعى الأخضر خاصة فهو تخصيص غير مؤصَّل، وإن كان يدخل في المرعى والكلأ. وأما ما قاله الزَبيدي [في أبب] من أن صواب كلمة (الخضر) أنها بالصاد المهملة الساكنة, وأنها هُذَلية = فإنه لم يفسر هذه الكلمة في (أبب)، ولا في (خصر)، =

الصفحة 54