كتاب المعجم الاشتقاقي المؤصل (اسم الجزء: 1)

هذا، وصورة تحقق المعنى المحوري، وهو التهيؤ .. في الأبّ: المرعَى، أنه متاح دائمًا. فهو ينبت بَعْليّا: أي دون أن يزرعه أحد، ولذا عرّفه صاحب المصباح بأنه "المَرْعَى الذي لم يزرعه الناس "، وهذا جيد لكنه ليس قيدًا في معنى الأب. ثم إن الأبّ ينمو أي يطول ويرتفع حتى تتمكن منه الدواب والأنعام، وليس كاللُسَاس: البقل الصغير الذي تنتفه الراعية بجحافلها، وهذا جانب آخر من كونه متاحًا، يُكْمِل تصديق تعريف بعضهم إياه بأنه المرعى المتهيئ للرعي.
ومن معنوي التهيؤ: "أبّ إلى وَطَنه: نَزَع (أي اشتاق) "فهذا تهيؤ نفْسيّ: اتجاه إلى الوطن، ونزوع نفسيّ إليه. وفي التاج "أَبَّ أَبَّهُ أي قَصَدَ قصْده "فهذا من التهيؤ إقبالًا، و "أَبْت أَبابته - كسحابة ورسالة: أي استقامت طريقته "هو كذلك من التهيؤ إقبالًا وتقدمًا واستمرارَ اتجاهٍ. وقالوا عن الظِباء: "إن أصابت الماء فلا عَباب (أي لا تشرب كثيرًا)، وإن لم تُصِب الماءَ فلا أَباب - كلاهما كسحاب: أي لم تأتبّ له ولا تتهيأ لطلبه "أي لا تَنْزِع إلى طلبه.
وقد ذكر صاحب المصباح هنا "الإِبّان: وقتُ الشيء. إبّانُ الفاكهة أي أوانُها "وهو من التهيؤ أي الوقت الذي تتاح فيه. أما "الأُباب - كرخام: مُعْظَم السيل، والموجُ: كالعباب، فقد قال أبو حيان وابن أم قاسم إنهما من إبدال العين همزة [تاج]؛ فلا يكونان من هذا التركيب. ولكن ارتفاع الموج - وكذا السيل - جيث يغطِّى، ويتوقع القريب منه أنه قد يغطيه - وهذا تهيؤ للتناول - يجوز أنهما من هذا التركيب.
¬__________
= ولعل المقصود النبات القصير أو النَجْم - ولا وجه لهذا التخصيص أيضًا. وأخيرًا فإن تفسير الأبّ بـ (التبن) [التاج أَبب] تخصيص غريب؛ لأن كثيرًا مما يتأتى منه التبن ليس أصله مرعى كنبات القمح والشعير.

الصفحة 55