كتاب المعجم الاشتقاقي المؤصل (اسم الجزء: 2)

ب) وإما تشبيه الذين كفروا في دعائهم الآلهة الجماد بالصائح في جوف الليل فيجيبه الصدى ... الذي لا حقيقة فيه ولا منتفَع.
ج) وإما تشبيه الكلفار في دعائهم الأصنام بالراعي الذي ينعق بالغنم ولا يدرى أين هي، أو الذي ينعق بشيء بعيد لا يسمع. والشطر الأخير عن الطبري. ولم يختر القرطبي أحدها. وأري أن الأول فيه جفاء ويصادم صدر الآية ويصادم تكليفه - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة. فالثاني وصدر الثالث أنسب. ويدخل في هذه المجموعة ما كان بمعنى الولولة مثل {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13، 14] ومثله [الانشقاق 11].
ولم يبق إلا الدعاء بمعنى التّضرع إلى الله عز وجل في طلب أمر مثل {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عمران: 38] وهو كثير، وسياقاته واضحة. و "الدعاء: العبادة "؛ لأن العبادة تَقَرّب إلى المعبود، واعتزاء إليه، واستكفاء به فهي من الجذب والانجذاب، وسياقاته واضحة. وكثير منها تصحبه عبارة (من دون الله) أو نحوها: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 73]، {أَتَدْعُونَ بَعْلًا} [الصافات: 125].
في دعاء النسب {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]. ومنه ادّعاء النسب -فهو ضم المدعِي نفسَه بالنسب إلى أب أو قوم. والمدعي حينئذ دَعِىّ: فعيل بمعنى مفعول -أي هو مدعو أي مُدَّعّى له وليس أصيلًا- والجمع أدعياء {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] (هم هنا المتبنَّوْن). وربما يسوغ ضم الادعاء في مثل {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم 91].
ومن الصورة الظاهرة لهذا الادعاء: "الادّعاء والتداعي: الاعتزاء في

الصفحة 657