كتاب المعجم الاشتقاقي المؤصل (اسم الجزء: 2)

أي لَحًّا (شقيق -كأن الملحظ أنهما من مقر واحد).
وقوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8]، أي دنا جبريل (بعد استوائه بالأفق الأعلى) من الأرض فتدلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان - {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} فأوحى الله إلى جبريل ما يوحيه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان دنو جبريل بأمر الله تعالى بعد أن هالت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صورتُه على حقيقته [قر 17/ 88 بتصرف]، وهناك أقوال أخرى. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}، {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23] كلتاهما من القرب للتناول، {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} [الإنسان: 14] تغشاهم. وفي قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة: 21]، فُسّر الأدنى بالأقرب فقيل بمصائب الدنيا وبلاياها، وبيوم بدر، وبالجوع سبع سنين الخ. ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذب جهنم. [ينظر قر 14/ 107]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الدنو: القرب، لكن هناك صُوَر خاصة له ستأتي.
فالأصل في الدنو أن يكون إلى سُفْل، ومن هنا استُعْمل الدُنُو في الهبوط المعنوي (قلة قيمة الشيء) في مثل {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61]. ومن هذا قالوا للخسيس الساقط: "إنه لدَنِيٌّ من أدنياء، وإذا طلب الرجل أمرًا خسيسًا قالوا: قد دَنَّى -ض ". كما قالوا في ضده: الشريف والسامي والعالي. ومن هذا: {عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} [الأعراف: 169] الرشا والمكاسب الخبيثة [بحر 4/ 414]. كما استُعْمِل الدنو في قلة الكم، وهو من النزول؛ لأنه نقص {وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ} [المجادلة: 7]، {أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} [المزمل: 20]. أما "الدنْيا: نقيض الآخرة "فشَقُّوها من الدُنُوّ:

الصفحة 683