كتاب العدة شرح العمدة

وأثبت في القضية أن قسمه كان عن إقرار لا عن بينة.
الثاني: قسمة التراضي، وهي قسمة ما فيه ضرر بأن لا ينتفع أحدهما بنصيبه فيما هو له أو لا يمكن تعديله إلا برد عوض من أحدهما فلا إجبار فيها
(49) والقسمة إفراز حق لا يستحق بها شفعة ولا يثبت فيها خيار
(50) وتجوز في
ـــــــــــــــــــــــــــــQكان عن إقرارهما لا عن بينة) وقال أبو حنيفة: إن كان عقاراً نسبوه إلى الميراث لم يقسمه، وإن لم ينسبوه إلى الميراث أو كان غير عقار قسمه؛ لأن الميراث باق على حكم ملك الميت فلا يقسمه احتياطاً للبت فيه؛ لأنه إذا لم يثبت عنده الموت والقرابة فلا احتياط، ويخالف العقار غيره يثوي ويهلك ويحفظ بقسمته، والظاهر عند الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه لا يقسم عقاراً كان أو غيره، قال: لأني لو قسمتها بقولكم ثم رفعت إلى حاكم يقسمها أن يجعلها حكماً لكم ولعلها لغيركم، ولنا أن اليد تدل على الملك ولا منازع لهم فيثبت لهم من طريق الظاهر، وما ذكره الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يندفع إذا أثبت في القصة أن قسمته بينهم كان عن إقرارهم لا عن بينة شهدت لهم بملكهم، وكل ذي حجة على حجته. وما ذكره أبو حنيفة لا يصح فإنه لا حق للميت فيه إلا أن يظهر عليه دين وما ظهر الأصل عدمه كما قلنا إن الظاهر ملكهم فيما لم يدعوه ميراثاً؛ لأنه لم يثبت لغيرهم، (الثاني قسمة التراضي، وهي قسمة ما فيه ضرر بأن لا ينتفع أحدهما بنصيبه فيما هو له أو لا يمكن تعديله إلا برد عوض من أحدهما فلا إجبار فيها) ، مثال ما فيه ضرر أن تكون دار بين اثنين لأحدهما عشرها وللآخر الباقي إذا اقتسماها لا يصلح لصاحب العشر ما ينتفع به فيتضرر لذلك، فإذا طلب صاحب الكثير القسمة لا يجبر الآخر لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار» رواه ابن ماجه. وأما ما لا يمكن تعديله إلا برد عوض فإنه يكون بيعاً، فإن تراضيا عليه جاز، وان امتنع أحدهما لم يجبر؛ لأن البيع لا يجبر عليه أحد لقوله سبحانه: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] .

مسألة 49: (والقسمة إفراز حق لا يستحق بها شفعة ولا يثبت فيها خيار) لأنها ليست بيعاً، وقال الشافعي في أحد قوليه: هي بيع، وحكي ذلك عن ابن بطة؛ لأنه يعدل نصيبه من أحد السهمين بنصيب صاحبه من السهم الآخر، وهذا حقيقة البيع، ولنا أنها لا تفتقر إلى لفظ التمليك ولا تجب فيها الشفعة ويدخلها الإجبار وتلزم بإخراج القرعة ويتقدر

الصفحة 677