كتاب شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري

سبحانه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68]، وهذا القول قول ثالث وهو قول جيد غير أن المشهور عند مشايخنا وأهل العلم أنه ليس من باب المحسوس من الطعام إنما هو من باب ما يفتحه الله على عبده من لذات الأنس ونفحات القدس.
فائدة:
اشتهرت المواصلة عن الصحابة فكان ابن الزبير يواصل خمسة عشر يومًا وقد رواه عنه ابن أبي شيبة بسند صحيح ولكن أخرج ابن جرير من طريق هشام ابن عروة قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام فلما كبر واصل خمسة فلما كبر جدًّا واصل ثلاثة أيام وهذا يخالف ما تقدم من كونه يسرد خمسة عشر يومًا، والمعروف عند الأطباء أنه لا يمكن للإنسان أن يسرد خمسة أيام أو ستة من دون أكل فإنه يتعرض إلى هبوط في السكر وإلى فشل كُلوي وغيرها من الأمراض، فما هو الجمع بين هذه الآثار عن السلف وبين هذه الحقائق العلمية الطبية؟
الجواب: نقول: أما رواية خمسة عشر يومًا فإن إسنادها صحيح بل إن شيخ الإسلام في الفتاوى ذكر أن بعض السلف كان يواصل شهرًا كاملًا وبعضهم كان يواصل أكثر ولكن كان يشرب في الليل شربات من الماء خفيفة وهذا ليس بوصال ولكنه نوع من الوصال سلكه بعض السلف وقالوا: إن الإمام أحمد كان يفعله لما كان في السجن كان يواصل ولا يشرب إلا الماء، على كل حال إذا صحت الأسانيد فالأصل اعتماد ما جاءت به وهي قد تكون لما منحه الله لبعض عباده من القوة الجسدية والفتوة،

الصفحة 164