كتاب شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري

شهد منكم الشهر فليصمه شهد منكم الشهر فليصمه» ومعلوم أنه إذا اختلفت المطالع لا يقال للمخالف: إنه شهد الشهر حتى نلزمه بالصوم، وأما القياس فإن الله علق الإمساك بالتبين من طلوع الفجر وعلق الفطر بغروب الشمس، ومعلوم أن أهل البلد الواحد يشتركون في هذا حيث إنهم يشتركون في التبين وهو تبين الفجر وفي غروب الشمس فكان حكمًا واحدًا، فكذلك يقال في مسألة أهل المطلع الواحد: إذا كانوا يشتركون مع بلد آخر يسامته فهو مثله؛ لأن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات كما أنها لا تجمع بين المختلفات. فالمتماثلات حكمها واحد، والمختلفات أحاكمها مختلفة، وفي الباب حديث أم الفضل في قصة إرسالها كريبًا إلى معاوية ثم رجع وأخبر ابن عباس أن معاوية صام فلم يصم ابن عباس ولم يعتد برؤية أهل الشام، وهذا حجة لشيخ الإسلام في هذه المسألة، وهذا الحديث - قصة كريب مع ابن عباس - احتج بها القائلون أنه إذا رأى أهل بلد أنه يلزم الجميع واحتج به أيضًا من قال: إنه إذا رآه أهل بلد فإنه يلزمهم دون غيرهم، ولكن أكثر علماء عصرنا وبالذات أهل المجمع الفقهي يرون - أو يحبذون - أنه إذا رؤي في بلد فإنه يلزم الأمة جميعًا من باب جمع الأمة الإسلامية وعدم التفريق ومن باب الأخذ بقول بعض أهل العلم، والصحيح ما ذكره شيخ الإسلام.
معنى المطالع: هي منازل القمر التي يتفق فيها أهل البلد، فأهل خراسان ليس حكمهم حكم أهل المغرب في المطلع وهذا أمر يعرفه أهل الخبرة.
مسألة: الرؤية بالمرصد الفلكي الصحيح فيها أنه يعد من النظر بالعين، وهو قول ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله فكما أن المرصد يقرب القمر؛

الصفحة 43