كتاب معالم الدين من أحاديث الصادق الأمين

وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجِزْ (¬1)، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ. فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ (¬2)». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

95 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» (¬3). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

96 - عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ (¬4)، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ (¬5)، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ (¬6)، ............................................
¬__________
(¬1) أي: احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك، ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة، ولا عن طلب الإعانة.
(¬2) يعني: بعد أن تحرص وتبذل الجهد، وتستعين بالله، ثم يخرج الأمر على خلاف ما تريد، فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا. لأن هذا أمر فوق إرادتك، أنت فعلت الذي تؤمر به، ولكن الله عز وجل غالب على أمره، فعليك أن ترضى بما قدره الله تعالى. «فإن لو تفتح عمل الشيطان» أي: تفتح عليك الوساوس والأحزان والندم والهموم، ولا يفيدك هذا شيئًا، والأمر انتهى، ولا يمكن أن يتغير عما وقع، وهذا أمر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن تُخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وسيكون على هذا الوضع مهما عملت.
(¬3) هذا الحديث يدل على عظيم حق الوالدين، وأنهما أحق الناس بحسن المعاملة، كما أنه يدل على أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغى أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب، وإذا تُؤمِّل هذا المعنى شهد له الواقع، وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الأم، وتشقى بها دون الأب، فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب.
(¬4) الكير: جلد غليظ ينفخ فيه الحداد.
(¬5) يحذيك: يعطيك مجانًا.
(¬6) تبتاع: تشتري.

الصفحة 81