كتاب معالم الدين من أحاديث الصادق الأمين

ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي (¬1). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

105 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» (¬2). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
¬__________
(¬1) قال الإمام العيني في «عمدة القاري» (5/ 14): «فإن قلتَ: ما الحكمة في تخصيص الذِّكر بهذه الأشياء الثلاثة؟
قلتُ: هذه الثلاثة أفضل الأعمال بعد الإيمان، مَن ضيَّع الصلاة التي هي عماد الدين مع العلم بفضيلتها، كان لغيرها من أمر الدين أشد تضييعًا وأشد تهاونًا واستخفافًا، وكذا مَن ترك بر والديه فهو لغير ذلك من حقوق الله أشد تركًا، وكذا الجهاد مَن تركه مع قدرته عليه عند تعيُّنه، فهو لغير ذلك من الأعمال التي يُتقرَّب بها إلى الله تعالى أشد تركًا، فالمحافظ على هذه الثلاثة حافظ على ما سواها، والمضيِّع لها كان لِمَا سواها أضيع» اهـ.
(¬2) رحم الله الإمام ابن رجب إذ قال في «اختيار الأولى» (ص: 66) بعد ذكره لهذا الحديث: «فانظر إلى كم تُيَسَّر لك أسباب تكفير الخطايا لعلك تَطَهَّر منها قبل الموت فتلقاه طاهرًا، فتصلح لمجاورته في دار السلام، وأنت تأبى إلا أن تموت على خبث الذنوب فتحتاج إلى تطهيرها في كير جهنم.
يا هذا! أما علمت أنه لا يصلح لقربنا إلا طاهر؟! فإن أردت قربنا ومناجاتنا اليوم فطهِّر ظاهرك وباطنك لتصلح لذلك، وإن أردت قربنا ومناجاتنا غدًا فطهِّر قلبك من سوانا لتصلح لمجاورتنا {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88 - 89]، القلب السليم الذي ليس فيه غير محبة الله، ومحبة مَن يحبه الله، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فما كل أحد يصلح لمجاورة الله تعالى غدًا، ولا كل أحد يصلح لمناجاة الله اليوم» اهـ.

الصفحة 88