كتاب تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب

36- ذكر1 ابن إسحاق في السيرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رجع من بدر العظمى, ومعه الأسارى فيهم: النضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط2, وغيرهما من شياطين العرب,
ومر بالصفراء3، أمر علي بن أبي طالب، فضرب عنق النضر بن الحارث صبرا4 بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم5.
قال ابن هشام: فقالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر ارتجالا:
يا راكبا إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق6
أبلغ بها ميتا بأن تحية ... ما إن تزال بها النجائب تخفق7
مني إليك وعبرة مسفوحة ... جادت بواكفها8 وأخرى تخنق
هل تسمعن9 النضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميت لا ينطق؟
__________
1 في ف: "ذكره".
2 هو: عقبة بن أبي معيط القرشي, أحد صناديد قريش وشياطينهم الذين جندوا أنفسهم لخدمة الشيطان, وإيذاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصد عن دعوته. وهو الظالم الذي نزل فيه قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ... } [الفرقان: 27-29] وهي فيه وفي غيره من الأشقياء فإنها عامة في كل ظالم. كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره "3/ 217": فكل ظالم سوف يندم يوم القيامة غاية الندم, ويعضّ على يديه قائلا مقالته: ولات ساعة مندم.
وانظر سيرة ابن إسحاق 175-184, وسيرة ابن هشام 1/ 262-265.
3 الصفراء: هو وادٍ من ناحية المدينة, كثير النخل والزرع, بينه وبين بدر مرحلة.
انظر معجم البلدان 3/ 412.
4 صبرا -بفتح الصاد وسكون الباء- أي: حُبس ومُسك، فضرب عنقه.
انظر مادة "صبر" في النهاية 3/ 8, والقاموس المحيط 2/ 68.
5 انظر سيرة ابن هشام 2/ 208, وانظر الاستيعاب 4/ 1905.
6 الأثيل: موضع قرب المدينة بين بدر ووادي الصفراء, وهو الموضع الذي قتل فيه النضر بن الحارث.
ومظنة: موضع إيقاع الظن.
7 النجائب: الإبل الكرام. وتخفق أي: تسرع.
8 بواكفها, الواكف: السائل.
9 وقع في سيرة ابن هشام: "يسمعنّي" وفي الحماسة "فليسمعنّ".

الصفحة 400