كتاب الرد على الجهمية ت الشوامي

وعَليْكَ بالسَّدَادِ؛ فَقَد ذَهَب الذين كَانُوا يَعْلَمُونَ فيما أُنْزِل القرآن (¬1).
فهذا الصِّدِّيقُ خَيرُ هذه الأمة بعد نبيها، والخَلِيفةُ بعده، قد شَهِدَ التنزيل، وعاين الرسول، وعلم فيما أُنزِل القرآن -إلا ما شاء الله- يَتَوقَّى أن يقول في القرآن؛ مخافة أن لا يصيب ما عنى الله؛ فيهلك.
ثم عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيّ بَعْدَهُ، وكان من كِبَار التَّابعين.
فكيف بهؤلاء المنْسَلِخِينَ من الدِّينِ والعِلم، الذين يَنْقُضُونَهُ نَقْضًا ويُفَسِّرُونَه بأهوائِهم خِلاَفَ ما عَنَى اللهُ، وخِلاَفَ ما تَحْتَمِلُه لُغَاتُ العَرَبِ، ولقد قال بعضُ أهلِ العِلم: لا تهلك هذه الأمة حتى تظهر فيهم الزَّنْدَقَة ويتكلَّمُوا في الربِّ تَبَاركَ وتَعَالى.
(2) حدثناه سُوَيْدُ بنُ سَعَيدٍ الأَنْبَاريُّ، حَدثنا خَلَفُ بنُ خَلِيفَة، عن الحجَّاجِ بن دِينَارٍ، عن مَنْصُور بن المُعْتَمِر، قال: «مَا هَلَكَ دِينٌ قَطُّ حَتَّى تَخَلَّفَ المَنَانِيَّة، قُلتُ: وما المنانية؟ قال: الزَّنَادِقَةُ» (¬2).
(3) وحدثنا محمدُ بنُ كَثِيرٍ العَبْدِيُّ، أخبرنا سُفْيَانُ يعنِي الثَّوْرِيُّ، عن سَالِمِ يعنِى ابن أَبِي حَفْصَةَ، عن أَبِي يَعْلَى، عن محمد بن الحَنَفِيَّةَ - رضي الله عنه -، قال: «لا تَنْقَضِي الدُّنيَا حَتَّى تَكُونَ خُصُومَتُهُم في رَبهِم» (¬3).
¬_________
(¬1) أخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد (205)، وأبو عبيد القاسم في فضائل القرآن (693).
(¬2) أخرجه الفريابي في القدر (359) عن شيخ المصنف، وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل سويد بن سعيد فإنه وإن كان صدوقًا في نفسه، إلا أنه عمي، فصار يتلقن.
(¬3) أخرجه الدولابي في الكنى (2047)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1/ 127)، والهروي في ذم الكلام (604)، وإسناده حسن، سالم بن أبي حفصة متكلم فيه لتشيعه، ... وهو في نفسه صدوق، ونقل المصنف وغيره عن يحيى بن معين توثيقه.

الصفحة 34