كتاب النقض على المريسي ت الشوامي
فَهَذِهِ أَلْفَاظُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتُهُ وَثَبَتُّهُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.
فَفِي أَيِّ لُغَاتٍ وَجَدْتَ أَنَّهَا قُدْرَتَينِ مِنَ القُدَرِ؟
وَهَلْ من شَيْءٍ لَيْسَ [تَحْتَ] (¬1) قُدْرَةِ اللهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى يَخُصَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - القُلُوبَ مِنْ بَيْنِهَا بِقُدْرَتَيْنِ؟!
فَلِمَ تَدَّعِ مَا إِذَا رَجَعْتَ فِيهِ إِلَى نَفْسِكَ عَلِمْتَ أَنَّهُ ضَلَالٌ وَبَاطِلٌ وضَحِكَةٌ وسُخْرِيَةٌ؟ مَعَ أَنَّ المُعَارِضَ لَمْ يَقْنَعْ بِتَفْسِيرِ إِمَامِهِ المَرِيسِيِّ حَتَّى اخْتَرَقَ لِنَفْسِهِ [21/ظ] فِيهِ مَذْهَبًا خِلَافَ مَا قَالَ إِمَامُهُ، وخِلافَ مَا يُوجد فِي لُغَاتِ العَرَبِ وَالعَجَمِ، فَقَالَ: أُصْبُعَاهُ: نِعْمَتَاهُ قَالَ: وَهَذَا جَائِزٌ فِي كَلَامِ العَرَبِ.
فَيُقَالُ: لِهَذَا المُعَارِضِ: فِي أَيِّ كَلَامِ العَرَبِ، وَجَدْتَ إِجَازَتَهُ؟ وَعَنْ أَيِّ فَقِيهٍ أَخَذْتَهُ؟ فَاسْتَنِدْ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَإِنَّكَ مِنَ المُفْتَرِينَ عَلَى اللهِ وعَلَى رَسُولِهِ. فَلَوْ كُنْتَ الخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ (¬2)، أَوِ الأَصْمَعِيَّ (¬3) مَا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْكَ إِلَّا بِحُجَّةٍ.
وَأَمَّا إِنْكَارُكَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَتَرَاءَى لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِالله مِنْكَ، ثُمَّ
¬_________
(¬1) ما بين معقوفين ليس في الأصل وأثبته من نسخة على (ع)، وبدونه لا يتضح المعنى.
(¬2) هو أبو عبد الرحمن الفراهيدي الإمام، صاحب العربية، ومنشئ علم العروض، البصري، أحد الأعلام، توفي سنة 160 هـ، وقيل سنة 170 هـ. ينظر سير أعلام النبلاء (7/ 429).
(¬3) هو الإمام، العلامة، الحافظ، حجة الأدب، أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيْب الأصمعي، البصري، اللغوي، أحد الأعلام. توفي سنة 216 هـ ينظر سير أعلام النبلاء (10/ 175).
الصفحة 139