فِيهَا مِنْ غَيْرِ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ؛ كَفَرْتَ فِي دَعْوَاكَ؛ لِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّ مَنِ ادَّعَى أَنَّ جَهَنَّمَ تَمْتَلِئُ مِنْ غَيْرِ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ فَقَدْ كَفَرَ. وَهَذِهِ الآثَارُ الَّتِي رُوِيَتْ، عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فِي ذِكْرِ القَدَمِ مِمَّا أَنْتَ مُصَدِّقٌ مُحَقِّقٌ.
(85) حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ البَصْرِيُّ، ثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -:
«لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، فَيُدْلِي فِيهَا رَبُّ العَالَمِينَ قَدَمَهُ فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَتَقولُ: قَطّ بِعِزَّتِكَ، وَلَا يَزَالُ فِي الجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللهُ خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فِيهَا» (¬1).
(86) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادُ -وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ- عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«افْتَخَرَتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: يَا رَبُّ يَدْخُلُنِي الجَبَّارُونَ وَالمُلُوكُ وَالأَشْرَافُ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: يَدْخُلُنِي الفُقَرَاءُ وَالضُّعَفَاءُ وَالمَسَاكِينُ. فَقَالَ اللهُ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَقَالَ لِلْجَنَّةِ [23/ظ]: أَنْتِ رَحْمَتِي وَسِعْتِ كُلَّ شَيْءٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَيُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حَتَّى يَأْتِيَهَا فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا. وَتَقُولُ: قَدِي قدي ثَلَاثًا» (¬2).
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري (4848)، من طريق شعبة، وفي (6661)، من طريق شيبان النحوي، وفي (7384)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه مسلم (2848) من طريق سعيد أيضًا
ثلاثتهم (شعبة، وشيبان، وسعيد)، عن قتادة، به.
(¬2) صحيح، أخرجه أحمد (11099، 11740)، وعبد بن حميد (908 - منتخب)، وابن أبي عاصم في السنة (528)، وغيرهم، من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، به.= ... = قلت: ورجاله ثقات إلا أن عطاء بن السائب كان قد اختلط في آخر عمره فمن سمع منه قبل الاختلاط فصحيح، ومن سمع بعد الاختلاط فليس بشيء، والراوي عنه هنا حماد بن سلمة، وقد روى عنه قبل الاختلاط وبعده، فلا ندري أهذه الرواية سمعها حماد قبل أوبعد، لا سيما وقد قال العقيلي في الضعفاء: قال عليٌّ -يعني ابن المديني- قلت ليحيى: وكان أبو عوانة حمل عن عطاء بن السائب قبل أن يختلط، فقال: كان لا يفصل هذا من هذا، وكذلك حماد بن سلمة.
قلت لكن للحديث طريق آخر فقد أخرجه أحمد (11754)، وأبو يعلى (1172)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2253)، والبيهقي في البعث والنشور (170)، وغيرهم، من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح السمان، عن أبي سعيد، به. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.