كتاب النقض على المريسي ت الشوامي
(118) حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ الشَّقِيقِيُّ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ المُبَارَكِ بِأَيِّ شَيْءٍ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: «بِأَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى العَرْشِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ». قُلْتُ: بِحَدٍّ؟ قَالَ: بِحَدٍّ (¬1).
فَهَذَا القُرْآنُ يَنْطِقُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يُوصَفُ بِأَيْنَ، وَهَذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ وَصَفَهُ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ أَهْلُ المَعْرِفَةِ مِنْ أَهْلِ الإِسْلَامِ.
فَمَنْ أَنْبَأَكَ أَيُّهَا المُعَارِضُ -غَيْرَ المَرِيسِيِّ- أَنَّ اللهَ لَا يُوصَفُ بِأَيْنَ؟ فَأَخْبِرْنَا بِهِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ المُفْتَرِي عَلَى الله، الجَاهِل بِهِ، وبِمَكَانِهِ.
ثمَّ نَقَضَّتَ عَلَى نَفْسِكَ دَعْوَاكَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبِّرُهَا، كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ فِي عِمَارَةِ دَارِهِ خَارِجًا مِنْهَا، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِيهَا، فَتَرَكْتَ المَذْهَبَ الأَوَّلَ، ثُمَّ ادَّعَيْتَ أَخِيرًا فَقُلْتَ: هُوَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ، تَحْتَجُّ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ تَنْسَاهُ، حَتَّى تَنْقُضَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَأَنْتَ لَا تَشْعُرُ؟!.
وَسَنَذْكُرُ فِي إِبْطَالِ حُجَجِكَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ أَخْبَارًا صَحِيحَةً يَسْتَدِلُّ بِهَا مَنْ وَفَّقَهُ الله تَعَالَى عَلَى إلحَادِكَ فِيهَا إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى.
(119) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو -وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ- عَنْ أَبِي قَابُوسَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنه - قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
«الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ [34/و] السَّمَاءِ» (¬2).
¬_________
(¬1) صحيح، تقدم تخريجه برقم (28).
(¬2) صحيح؛ أخرجه أحمد (6494)، وأبو داود (4943)، والترمذي (1924)، والمصنف في الرد على الجهمية (22)، والحميدي (591)، والبيهقي (9/ 41) وغيرهم، من طريق = ... = أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو، قال الذهبي في الميزان (10522) لا يُعرف.
وقال في الكاشف (6784): وُثِّق. وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه ... جرحا ولا تعديلا، وقال الحافظ في التقريب: مقبول.
قلت: وقد تابعه، حبان بن زيد الشرعبي، أخرجه أحمد (6541)، وعبد بن حميد (320 - منتخب)، والبخاري في الأدب المفرد (380)، والطبراني في مسند الشاميين (1055)، والبيهقي في شعب الإيمان (11052)، وغيرهم؛ من طريق الشرعبي، عن عبد الله بن عمرو، بمعناه. وهذا إسناد صحيح، والحمد لله رب العالمين.
الصفحة 197