كتاب النقض على المريسي ت الشوامي

فَقُلْنَا لِهَذَا المُعَارِضِ، الَّذِي لَا يَدْرِي كَيْفَ يُنَاقِضُ: أَمَّا قَوْلُكَ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِي التَّوْحِيدِ غَيْرَ الصَّوَابِ، فَقَدْ صَدَقْتَ، وَتَفْسِيرُ التَّوْحِيدِ عِنْدَ الأُمَّةِ وَصَوَابُهُ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الَّتِي قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا دَخَلَ الجَنَّةَ» و «أُمِرْتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله». مَنْ قَالَهَا فَقَدْ وَحَّدَ اللهَ.
وَكَذَلِكَ رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الله - رضي الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ:
«لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، [2/ظ] لَبَّيْكَ إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ».
(6) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ (¬1).
فَهَذَا تَأْوِيلُ التَّوْحِيدِ، وَصَوَابُهُ عِنْدَ الأُمَّةِ.
فَمَنْ أَدْخَلَ الحَوَاسَّ الخَمْسَ أَيُّهَا المُعَارِضُ فِي صَوَابِ التَّأْوِيلِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ وَمَنْ عَدَّهَا؟ فَأَشِرْ إِلَيْهِ. غَيْر مَا ادَّعَيْتُم فِيه مِنَ الكَذِبِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرٍ المَرِيسِيِّ، وَنُظَرَائِهِ، ولمن تَأَوَّلَ فِي التَّوْحِيدِ الصَّوَابَ لَقَدْ تَأَوَّلْتَ أَنْتَ فِيهِ غَيْرَ الصَّوَابِ؛ إِذِ ادَّعَيْتَ أَنَّ الله لَا يُدْرَكُ، وَلَمْ يُدْرَكْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الحَوَاسِّ الخَمْسِ، إِذْ هُوَ -فِي دَعْوَاكَ- لَا شَيْءٌ، وَاللهُ مُكَذِّبٌ مَنِ ادَّعَى هَذِهِ
¬_________
(¬1) صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (14908)، وأحمد في مسنده (14440)، وأبو يعلى في مسنده (2126)، وابن خزيمة في صحيحه (2626)، وغيرهم من طريق جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، محمد الباقر، عن جابر، به. وقد أخرجوه مطوَّلا إلا ابن خزيمة.

الصفحة 45