كتاب النقض على المريسي ت الشوامي

فَهَذَا أَحَدُ الحَوَاسِّ، وَهُوَ النَّظَرُ بِالعَيْنِ وَالتَّجَلِّي، رَوَاهُ هَؤُلَاءِ المشهورون عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى رَغْمِ بشر.
ومن ذَلِك:
(17) مَا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شيبَة، عَن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الحَارِثِ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «إِذْ تَكَلَّمَ اللهُ بِالوَحْيِ، سَمِعُوا لَهُ مِثْلَ سِلْسِلَةِ الحَدِيدِ عَلَى الصَّفْوَانِ» (¬1).
وَهَذَا الحَوَاسُّ الثَّانِي، بِأَسْمَاعِ المَلَائِكَةِ عَلَى رَغْمِ بِشْرٍ وَرِوَايَةِ بِشْرٍ, فَمَا تُغْنِي عَنْ بِشْرٍ رِوَايَتُهُ عَن هَؤُلَاءِ المغمورين إِذَا مَا كَذَّبَ بِرِوَايَةِ هَؤُلَاءِ المَشْهُورِينَ مَعَ تَكْذِيبِ الله إِيَّاهُ قَبْلُ، وَفِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء: 164] و {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253]، وَقَالَ: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 174]، فَأَخْبَرَ الله تَعَالَى أَنَّهُ قَدْ أسَمِعَ مُوسَى نَفْسَ كَلَامِهِ، وَسَيُكَلِّمُ مَنْ يَشَاءُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَرَاهُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَيَانًا بِأَعْيُنِهِمْ، كما قَالَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَيُحسُّ المَلَائِكَةُ بِكَلَامِهِ عِنْدَ نُزُولِ وَحْيِهِ حتى يُصْعَقُوا مِنْ شِدَّةِ حَوَاسِّهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ،
¬_________
(¬1) صحيح المتن وهذا الإسناد ضعيف، أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (538)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (219)، وأبو زرعة الرازي كما في العلو للذهبي (294)، من طريق جرير بن عبد الحميد، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل يزيد بن أبي زياد، قال أبو زرعة: لين يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي، وكذلك قال ابن معين كما نقله عنه المصنف.
قلت: قد صح هذا المتن ولكن من حديث عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - كما أخرجه أبو داود (4738)، وعبد الله بن أحمد في السنة (536، 537)، والمصنف في الرد على الجهمية (158) بتحقيقي، وغيرهم، من طريق مسروق بن الأجدع، عن ابن مسعود، به.

الصفحة 60