كتاب النقض على المريسي ت الشوامي
آيَاتِهِ وَأُمُورِهِ وَأَفْعَالِهِ.
وَأَمَّا دَعْوَاكَ: أَنَّ رُؤْيَةَ الله كَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} [آل عمران: 143]، فَلَوْ قَدْ عَقَلْتَ تَفْسِيرَ هَذِهِ الآيَةِ وَفِيمَ أُنْزِلَتْ؛ لَكَانَ احْتِجَاجُكَ إِقْرَارًا بِرُؤْيَةِ اللهِ عَيَانًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ كَانَتْ رُؤْيَةَ عَيَانٍ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ رُؤْيَةُ القَتْلِ وَالقِتَالِ، فَقَدْ رَأَوْهُ بِأَعْيُنِهِمْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ، فَلَمْ يَصْبِرُوا لَهُ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي قَوْمٍ غَابُوا عَنْ مَشْهَدِ بَدْرٍ فَقَالُوا: «لَئِنْ أَرَانَا الله قِتَالًا لَيَرَيَنَّ مَا نَصْنَعُ، وَلَنُقَاتِلَنَّ». فَأَرَاهُمُ الله القِتَالَ عَيَانًا، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ بِأَعْيُنِهِمْ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ الله، وَلَمْ يَصْبِرُوا لِلْقِتَالِ، فَعَفَا الله عَنْهُمْ، فَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} [آل عمران: 143]. فَكَانَ هَذَا رُؤْيَةَ عَيَانٍ لَا رُؤْيَةَ خَفَاءٍ.
(18) حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «تَغَيَّبَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ بَدْرٍ فَقَالَ: تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، لَأنْ أَرَانِي اللهُ قتالًا؛ لَيَرَيَنَّ مَا أَصْنَعُ» (¬1).
(19) حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بْنُ الوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} [آل عمران: 143] قَالَ: «كَانَ أُنَاسٌ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا، وَكَانُوا يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَرَوْا قِتَالًا فَيُقَاتِلُوا» (¬2).
¬_________
(¬1) صحيح، أخرجه مسلم (1903)، والترمذي (3200)، وأحمد (13015)، والطيالسي (2157)، وغيرهم من حديث ثابت البناني، عن أنس، به. وأخرجه البخاري (2805)، والترمذي (3201)، وأحمد (13085)، وغيرهم من طريق حميد الطويل، عن أنس، به.
(¬2) صحيح، رجاله ثقات، العباس النرسي قد تكلم فيه علي بن المديني، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. قلت: لكن وثقه ابن معين، والدارقطني، وابن قانع، ومع ذلك فإنه = ... = لم يتفرد فقد تابعه بشر بن معاذ العقدي كما أخرجه الطبري في التفسير (6/ 94)، وبشر وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: صالح الحديث صدوق.
هذا وقد تابع سعيدَ بنَ أبي عروبة، بنحوه مَعْمَرٌ كما أخرجه عنه عبد الرزاق في التفسير (1/ 415)، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في التفسير (6/ 94).
الصفحة 65