الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67]، فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ» (¬1).
أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الأَرْضَ جَمِيعًا رِزْقُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِرِزْقِهِ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ وَمُوَسَّعِهِ وَمُقَتَّرِهِ؟ لَقَدْ عَلِمَ الخَلْقُ إِلَّا مَنْ جَهِلَ اسْتِحَالَةَ هَذَا التَّأْوِيلِ.
فَلَوْ أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ مُعَانَدَةَ الله وَرَسُولِهِ، وَمُخَالَفَةَ أَهْلِ الإِسْلَامِ؛ احْتَجَجْتَ بِكَلَامٍ أَسْتَرَ عَوْرَةً، وَأَقَلَّ اسْتِحَالَةً مِنْ هَذَا، كَانَ أَنْجَعَ لَكَ فِي قُلُوبِ الجُهَّالِ مِنْ أَنْ تَأْتِيَ بِشَيْءٍ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ وَلَا جَاهِلٌ فِي بُطُولِهِ وَاسْتِحَالَتِهِ.
(36) حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن صَالح، حَدَّثَنِي لَيْثٌ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الله حِينَ خَلَقَ الخَلْقَ، كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ، إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي» (¬2).
¬_________
(¬1) صحيح، رجاله ثقات، أخرجه الترمذي (3241)، وأحمد (24856)، والنسائي في الكبرى (11389)، والحاكم (2/ 473)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 183)، وغيرهم، من طريق ابن المبارك، به. قال الترمذي: «هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه».
وقال أبو نعيم: «غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ حَبِيبُ بنُ أبي عَمْرَةَ، وَهُوَ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ عَزِيزُ الْحَدِيثِ».
قلت: وللحديث شاهد أخرجه مسلم (2791)، عن عائشة أيضًا بلفظ «على الصراط» بدلا من «على جسر جهنم» وهما بمعنى.
(¬2) صحيح لغيره، عبد الله بن صالح فيه ضعف لكنه توبع.
والحديث أخرجه الترمذي (3534) عن قتيبة عن الليث، وابن ماجه (189) من طريق صفوان بن عيسى، وأحمد (9597) عن يحيى القطان، وابن حبان (6145) من طريق الليث، وابن أبي شيبة في المصنف (35200) عن أبي خالد الأحمر، وعنه ابن ماجه (4295)، وابن بطة في الإبانة (246)، والبيهقي في الأسماء والصفات (629) كلاهما من طريق أبي عاصم النبيل خمستهم، عن محمد بن عجلان، به. ... =
= وأخرجه البخاري (3194)، ومسلم (2751)، وغيرهما من حديث الأعرج، وأخرجه البخاري (7404)، من حديث أبي صالح السمان، وفي (7554)، من حديث أبي رافع الصائغ، وأخرجه مسلم (2751)، من حديث عطاء بن ميناء، أربعتهم عن أبي هريرة، به ولكن دون ذكر اليد، فاستنكر البعض ذكر اليد في حديث عجلان.
قلت: ذكر اليد لا يستنكر في حديث عجلان؛ فإنه لم ينفرد بها فقد تابعه أبو صالح السمان كما عند أحمد (9159)، وأبو رافع الصائغ كما عند ابن أبي عاصم في السنة (608) وإسناد كل واحد منهما صحيح، فلا وجه لاستنكار هذه اللفظة، لا سيما وقد وردت في أكثر من حديث ورواها الأئمة في كتبهم، وقد قال الترمذي عقب روايته: هذا حديث حسن صحيح.