كتاب تفسير العثيمين: السجدة

الآية (٢٧)
* * *

* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة: ٢٧].
* * *

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} اليابِسَةِ التي لا نباتَ فيها {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} هذا، فيَعْلَمُون أنَّا نَقْدِر على إِعادَتِهِم].
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ} هل المرادُ بالرُّؤْية رُؤْيَةُ البَصَر أو العِلْمِ أو كلتاهما؟
الجوابُ: كلتاهما، فإذا كان ذلك بأَرْضِهم رَأَوْه بأَعْيُنِهم، وإذا كان في أَرْضِ غَيْرِهم رأَوْه بِقُلُوبهم رؤيةَ عِلْم، وهذا مُشاهَدٌ.
وقوله تعالى: {نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} وهل نسوقُ الماءَ في الجَوِّ أو نسوقُه على الأرض، أو كلاهما؟
الجوابُ: كلاهما، فالأوَّل: ماء المَطَر نسوقُه في الجوِّ؛ كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} والثَّاني الأنهار؛ تُساقُ إلى الأراضي القاحِلَة فتَنْبُت، وسواء كانت الأنهارُ كبيرةً كالأنهارِ المَشْهورة المعروفة أو صغيرة كالمياه النَّابِعَة، فإنَّها أنهارُ عيونٍ تسوقهم إلى الأَرْضِ.

الصفحة 124