كتاب تفسير العثيمين: السجدة

الآيتان (١، ٢)
* قالَ الله عَزَّ وَجلَّ: {الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [السجدة: ١ - ٢].
* * *

قال رَحَمَهُ الله: [{الم} الله أَعلَمُ بمُراده به].
وسبَقَ لنا أن العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ انقَسَموا في ذلك ثلاثةَ أَقْسام:
قِسْم ادَّعَى أن لهذه الحُروفِ مَعانِيَ، وأنها رُموز لتِلكَ المَعانِي، وهذا قَوْل لا دليلَ عليه، وهو ضَعيف، بل باطِل.
والقول الثاني: أن لها مَعانِيَ، لكن الله تعالى أَعلَمُ بها فتكون من المُتَشابِه الذي لا يَعلَمه إلَّا الله تعالى.
والقِسْم الثالِث: يَقولون: إنه ليس لها مَعانٍ أصلًا؛ لأن القرآن نزل باللِّسانِ العَرَبيِّ، واللِّسانُ العربيُّ لا يكون لهذه الحروفِ معانٍ أبدًا، وهذا قولُ مجُاهدٍ (¬١)، وهو الصَّحيحُ؛ أنَّه لا معانيَ له.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كيف تَجْزِمونَ بأنَّه لا معانيَ لها، والنَّفْيُ يحتاجُ إلى حُجَّةٍ؟
قُلْنَا: نجزم بذلك؛ لأنَّ القرآنَ نزل بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ، واللِّسان العربيُّ ليس فيه
---------------
(¬١) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٢٠٩)، وانظر: تفسير ابن كثير (١/ ٧٠).

الصفحة 9