كتاب تفسير العثيمين: لقمان

الآية (١٩)
* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: ١٩].
* * *

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} تَوَسَّطْ فِيه بَيْنَ الدَّبِيبِ والإِسْراَع، وعَلَيكَ السَّكِينَة {وَاغْضُضْ} اخْفِضْ {مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ} أَقْبَحَهَا {لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} أَوَّلُهُ زَفِير وَآخِرُهُ شَهِيق].
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} القَصْد مَعنَاهُ الوَسَط في الأُمُور، فالوَسَطُ في الأمور مَعناه: أنَّ الإنسان يَكُونُ وَسَطًا في مَشْيِه بين الذي يَمْشِي مُسْرِعًا والذي يَمْشِي مُتبَاطِئًا، والقَصْدُ في كُلِّ شيْءٍ هو الوَسَط، ولهذا وَرَدَ في الدُّعَاء المَأْثُور: "وَأَسْألكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى" (¬١)، فمَعنَى (القَصْد) يَعنِي: التَوَسُّط في الأُمُور، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: ٦٧].
وقولُه رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}، تَوَسَّطْ فيه بين الدَّبِيبِ والإسْراع وعليك السَّكِينَةُ والوَقَار] يَعنِي: لا تَدُبَّ دَبِيبًا وأنت تَمْشِي، ولا تُسْرِعْ سُرَعَةً تُخِلُّ بالمُرُوءَة،
---------------
(¬١) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٢٦٤)، والنسائي: كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء (أي بعد الذكر)، رقم (١٣٥٥)، من حديث عمار بن ياسر -رضي اللَّه عنه-.

الصفحة 113