القرآن الكريم أحيانًا يُكرِّر الآياتِ بعَيْنها، فهذه الآيةُ مُكرَّرة في سورة البقَرة، وإن كان فيها اختِلاف يَسيرٌ في الآية الأُولى التي قبلها، أمَّا قوله عَزَّ وَجَلَّ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فهي آية واحِدة.
قوله تعالى: {عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} أَتَى بـ {عَلَى} الدالَّة على الاستِعْلاء، يَعنِي: أنهم على هُدًى يَسيرون عليه، وهم به عالون مُرتَفِعون؛ لارتفاع مَرتَبَتهم.
وقوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} هذه الجُملةُ جُملة اسمِيَّة مُؤكَّد خبَرها بضمير الفصل، وهو قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، فإنَّ {هُمُ} ضمير فَصْل، وضَمير الفَصْل يُفيد ثلاث فَوائِدَ:
الفائِدةُ الأُولى: الفَصْل بين الصِّفة والخبَر.
والفائِدةُ الثانِية: الحَصْر.
الفائِدةُ الثالِثة: التوكيدُ.
فإذا قلت: (زَيْدٌ القائِمُ)، هذا: مُبتَدَأ وخبَر، لكن يُحتَمَل أن تَكون (القائِمُ) صِفةً لـ (زَيدٌ) وأن الخبَر مُنتَظَر: (زَيدٌ القائِمُ فاضِلٌ) مثَلًا، فإذا قلت: (زيدٌ هو القائِمُ)،