كتاب تفسير العثيمين: لقمان

سورة لقمان
الحمدُ للَّهِ ربِّ العَالمِينَ، وصلَّى اللَّهُ وسلَّمَ عَلَى نبيِّنَا محُمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وأصحَابِهِ ومَنْ تَبِعَهُم بإحسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ. وبَعد:
يَقول المُفَسِّر (¬١) رَحِمَهُ اللَّهُ: [وهي مَكِّيَّة] المَكِّيُّ أَرجَحُ الأقوال -والذي عليه الجُمهور-: أن ما نزَل بعد وصول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينةَ فهو مدَنيٌّ، ولو نزَل بمَكَّةَ، وما نزَل قبل وصوله إلى المدينة فهو مَكِّيٌّ، هذا هو القول الراجِح، فعلى هذا المُعتَبَرُ هو الزمَن لا المكان، وهذا أَريَحُ أيضًا للإنسان.
يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [مكِّيَّة، إلَّا: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: ٢٧]]، وفي نُسخة [أو إلَّا] وبينهما فَرْق؛ لأن قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [إلَّا {وَلَوْ}] أن هذا اقتِصار على قول واحِد وجزَم به، أمَّا على النُّسخة الثانية [أو إلَّا] فهو إشارة إلى أن في المَسأَلة قولين، وأنه لم يُجزَم بأحَدِهما.
والصحيح ما سبَقَ لنا أن السورة إذا كانت مَكِّيَّة فإننا لا نَستَثْنِي منها شيئًا إلَّا بنَصٍّ صريح واضِح، وإذا كانت مدَنية فإننا لا نَستَثنِي منها شيئًا إلَّا بنَصٍّ صريح واضِح؛ لأن الأصل أنَّ السورة تَكون مُتَتاليةً، وأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَضَع كل آية في مكانها، أو يَأمُر بوَضْعها.
---------------
(¬١) المقصود بـ (المفسر) هنا: محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم جلال الدين المحلي، ترجمته في: الضوء اللامع (٧/ ٣٩)، حسن المحاضرة (١/ ٤٤٣).

الصفحة 7