كتاب تفسير العثيمين: لقمان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
* * *
[بسم اللَّه الرحمن الرحيم] تَقدَّم الكلام على البَسمَلة إعرابًا ومَعنًى وحُكمًا:
أما إعرابها فإنها جارٌّ ومجَرور مُتعَلِّق بمَحذوف، فِعْل مُؤخَّر مُناسِب للمَقام، الآنَ نُريد أن نَقرَأ هذه السورةَ فنَقول: بسم اللَّه الرحمن الرحيم أَقرَأُ. أو نُريد أن نُفسِّر نَقول: بسم اللَّه الرحمن الرحيم أُفسِّرُ. ويُريد الإنسان أن يَتَوضَّأ يَقول: بسم اللَّه أَتَوضَّأ، وقدَّرناه فِعْلًا؛ لأن الأَصْل في العامِل أن يَكون فِعْلًا، لا سيَّما وأنه مَحذوف.
وقدَّرْناه خاصًّا، لم نَقُلْ مثَلًا: بسم اللَّه الرحمن الرحيم أَبتَدِئ. بل قُلْنا: كُنَّا إن كنت تُريد أن تَقرَأ قَدِّر: أَقرَأُ، تُريد أن تَأكُل قَدِّر: آكُلُ، تُريد أن تَشرَب قَدِّر: أَشرَبُ، فاختَرْنا أن يَكون تقديرُه خاصًّا لأَجْل أن يُناسِب كل حال بعَيْنه؛ ولأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال: "مَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِسْمِ اللَّهِ" (¬١) فهو إشارة إلى أنه يُقدَّر الفعل المَحذوف بما يُناسِب الفِعْل المُبتَدَأ به.
واختَرْنا أن يَكون تَقديرُه مُتأخِّرًا؛ لأَجْل البَداءة بـ (بسم اللَّه)، ولإفادة الحَصْر والاختِصاص؛ لأن تَقديم المَعموم يُفيد الحَصْر والاختِصاص، فكأنك تَقول:
---------------
(¬١) أخرجه البخاري: كتاب العيدين، باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد، رقم (٩٨٥)، ومسلم: كتاب الأضاحي، باب وقتها، رقم (١٩٦٠)، من حديث جندب بن سفيان -رضي اللَّه عنه-.
الصفحة 9
226