كتاب تفسير العثيمين: لقمان

الآية (١٥)
* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: ١٥].
* * *

الضمير في قولِه تعالى: {جَاهَدَاكَ} ضمير فاعِل يَعُود على الوالِدَين، ومَعنَى {جَاهَدَاكَ} نَقول: لم يَذكُر المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ مَعناها, لكن مَعناها: بَذَلَا الجُهْد مَعك.
وقوله تعالى: {عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} يَعنِي: على أن تَجْعَل مَعِي شَرِيكًا لا عِلْمَ لَك بِه.
وقوله تعالى: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} هو قَيْدٌ لِبَيَان الواقِع، وليس قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لأنَّه لا يُمْكِن أن يُوجَدَ عِلْمٌ بأنَّ للَّه تعالى شَرِيكًا، وهذا كقولِه تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [المؤمنون: ١١٧].
فإن قال قائِل: ما فَائِدةُ هذا القَيْدِ، وقد عُلِم أنَّه لن يُوجَد؟
قلنا: الفائِدةُ فيه تَحْقِيق هذا الأَمرِ، حتى لا يُحَاوِل أحَدٌ أن يَبحَث ويَطْلُبَ عِلْمًا أو بُرْهَانًا بأنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَه شَريك، فكأنَّه يَقول: هذا هو حقيقةُ الواقِع، وما كانَ حقيقةَ الواقعِ فلا يُمكِن أن يَتَخَلَّف، وهذا هو فائِدة قولِه تعالى: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.

الصفحة 90