كتاب تفسير العثيمين: الزخرف

الآيتان (٢٦، ٢٧)
قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: ٢٦ - ٢٧].
{وَإِذْ} مَفعُولٌ لفِعْلٍ محذُوفٍ، التَّقدِيرُ: واذْكُرْ إِذْ قَال إبْرَاهِيمُ، وإنَّمَا ذَكَرَ إبْرَاهِيمَ لأَنَّ إبْراهِيمَ تَنتمِي إِلَيهِ جَمِيعُ الأُمَمِ، اليَهودُ قَالُوا: إنَّهُ يَهودِيٌّ. والنَّصارَى قَالُوا: إنَّه نَصرَانيٌّ. والعَرَبُ قَالُوا: إنَّهُم مُتِّبِعُون مِلَّتَه. فأَرَادَ اللهُ أَنْ يُبيِّن أن إبْرَاهيمَ عَلَيهِ السَّلَام كَانَ بَرِيئًا مِنَ الشِّرْكِ وأهْلِهِ.
{وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ} التَّقدِيرُ: واذْكُرْ إِذْ قَال إبْرَاهِيمُ، إبرَاهِيمُ الخَلِيلُ عَلَيهِ السَّلَامُ هُوَ إمَامُ الحُنَفَاءِ الَّذِي قَال اللهُ تعَالى فِيهِ لنَبِيِّهِ محُمَّدٍ: {ثُمَّ أَوْحَينَا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: ١٢٣].
وكَانَ إبراهِيمُ عَلَيهِ السَّلَام كغَيرِهِ مِنَ الأنبِيَاءِ بُعِثَ إِلَى قَومِهِ خَاصَّةً، كَمَا قَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلي مِنْهَا: وَكَانَ النَّبيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (¬١).
وقولُه: {لِأَبِيهِ} وهُوَ آزَرُ {وَقَوْمِهِ} الَّذِين أُرسِلَ إلَيهِمْ.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري: كتاب التيمم، رقم (٣٣٥)، أخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، رقم (٥٢١)، من حديث جابر بن عبد الله رَضَيَ اللهُ عَنْهُمَا.

الصفحة 112