كتاب تفسير العثيمين: الزخرف

الآية (٣٤)
قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيهَا يَتَّكِئُونَ} [الزخرف: ٣٤].
وقَولُه تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ} أَي: وجعَلْنا لبُيوتهمْ أيضًا {أَبْوَابًا} يَعْنِي: مِنْ فِضَّةٍ، {وَ} جَعَلْنا لهُمْ (سُرُرًا) يَعْنِي: مِنْ فِضَّة جمع سَرِيرٍ {عَلَيهَا يَتَّكِئُونَ} أَي: يَعتَمِدُونَ {وَزُخْرُفًا} ذَهَبًا.
استَمِعْ لهَذَا التَّصويرِ يَعْنِي: لَوْلَا أَنْ يَكفُرَ النَّاسُ جميعًا لجعَلْنا للكَافِرِ هَذهِ البُيُوتَ، {سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ}، سُقُفًا مِنْ فِضَّة يَعْنِي: بدَل مَا يَكُونُ السَّقْفُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ مِنْ صَبَّاتِ أَسمَنْتٍ يَكُونُ مِنْ فِضَّة، والمُرادُ فِضَّةٌ لامِعَةٌ تَجْذِبُ النَّظَرَ، وتَسُرُّ العَينَ {وَمَعَارِجَ عَلَيهَا يَظْهَرُونَ} قِيلَ: إنَّها الدَّرَجُ؟
وقَال بعْضُ المُتأخِّرينَ: إنَّها المصَاعِدُ الكهربَائيَّةُ الَّتِي تُسمَّى (أَسَانْسِير، ولفْت، ومَصْعَد)، ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لأَنَّ الدَّرَجَ العادِيَّةَ لَا تَلفِتُ النَّظرَ كَثِيرًا؛ ولهَذَا قَال: {عَلَيهَا يَظْهَرُونَ} أَي: يَعْلُون حتَّى يَصِلُوا إِلَى السَّقْفِ، وأيًّا كَانَ هَذَا أَوْ هَذَا، فإِنَّها درَجٌ غَريبَة ليسَتْ كالدَّرجِ المُعتَادِ.
والثَّالِثُ {أَبْوَابًا} المُفسِّر رَحَمَهُ اللهُ يَقُولُ: [مِنْ فِضَّة] بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ الآيَة {سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} ولكِنَّ هَذَا لَيسَ بمُتعيِّنٍ، بَلْ نَقُولُ: أبْوابًا فخْمَةً لَيسَتْ كالمُعتَادِ، سوَاءٌ مِنْ فِضَّة، أَوْ مِنْ حَدِيدٍ، أَوْ مِنْ خَشَبٍ، المُهمُّ أنَّها أبْوابٌ غَيرُ مُعْتَادَةٍ.

الصفحة 140