كتاب تفسير العثيمين: الزخرف

الآية (١)
* قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حم} [الزخرف: ١].
قَال المُفسِّرُ رَحَمَهُ اللهُ (¬١): [اللهُ أَعلَمُ بمُرادِهِ بِهِ].
{حم} هَذَانِ حَرْفَانِ هِجَائِيَّانِ؛ أحدُهُما حَاءٌ، والثَّانِي مِيمٌ، لَا إعْرَابَ لهُمَا، وهَلْ لهُمَا مَعْنًى؟ يَقُولُ المُفسِّرُ: [اللهُ أَعلَمُ بمُرادِهِ بِهِ]؛ إذَنْ: لَا نَدْرِي هَلْ في مَعْنًى أَوْ لَا، ولَا نَدْرِي مَا المُرادُ بالمعْنَى، فمَوقِفُنَا مِنْ هَذَا التَّفويضُ، فاللهُ أعلَمُ؛ وهكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ حرْفٍ هِجَائيٍّ ابتُدِئَتْ بِهِ السُّورةُ، مثْلَ: {حم} [الزخرف: ١]، {الر} [يوسف: ١]، {ن} [القلم: ١]، {ق} [ق: ١]، {ص} [ص: ١]، وَمَا أَشْبَهَها.
فالمُفسِّرُ رَحَمَهُ اللهُ يَقُولُ: مَا لَنَا ولتَفْسيرِهَا، [اللهُ أَعلَمُ بمُرادِهِ بِهِ]، قَدْ يَكُونُ أَرَادَ مَعْنًى، وقَدْ يَكُونُ لَمْ يُرِدْ مَعْنًى، وقَدْ يَكُونُ أَرَادَ مَعْنًى تَدُلُّ عَلَيهِ السُّورَةُ، وقَدْ يَكُونُ معْنًى آخَرَ، ولكِنَّ القَوْلَ هَذَا ضَعِيفٌ.
والصَّوابُ أَنْ نَقُولَ: لَا معْنَى لَهُ، لَيسَ المُرادُ أنَّهُ حَشْوٌ لَا فَائِد منْهُ، لكِنَّ المَقصُودَ: لَا معْنَى لَهُ ذَاتيًّا؛ بدَلِيلِ قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢]، وقَولِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: ٣]، وقَولِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
---------------
(¬١) المقصود بـ (المفسر) هنا: محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم جلال الدين المحلي، المتوفى سنة (٨٦٤ هـ) رَحَمَهُ اللهُ، ترجمته في: الضوء اللامع (٧/ ٣٩)، حسن المحاضرة (١/ ٤٤٣).

الصفحة 27