كتاب تفسير العثيمين: الروم

هَل تتعَلَّقُ بِـ {تَخْرُجُونَ}، يعْنِي إذَا دعاكُم دعْوَةً تخْرُجونَ مِن الأرْضِ، أو متعَلِّقٌ بِـ (دعا)؟ نقُول هُو متعلِّقٌ بـ (دَعا) إِذا دعَاكُم دعْوةً مِن الأَرْضِ، ولَيْس متعلِّقًا بـ {تَخْرُجُونَ} لأنَّهُ لا يتعَلَّقُ مَا قبْلَ (إِذا) الفُجائِيَّةِ بما بعْدَها.
قوْله تَعالَى: {إِذَا دَعَاكُمْ}: {إِذَا} شرْطِيَّةٌ، وقوْلُه تَعالَى: {إِذَا أَنْتُمْ}: {إِذَا} فُجائِيَّةٌ، فهِي نائِبَةٌ منَابَ الفاءِ الوَاقِعَةِ فِي جَوابِ الشَّرْط.
وقوْله تَعالَى: {إذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ}: يعْني دعَاكُم منْهَا.
وهَلْ دَعوَةُ الله تكُونُ مِن الأرْضِ أمِ المرادُ أنَّكُم أنْتُم فِي الأرْضِ؟
الجوابُ: المُرادَ (إِذا دَعاكُم مِن الأرْضِ)، مثْلَما تقُولُ دعَوْتُه مِن بيْتِه، فليْسَ المُراد: (أَنِّي في البَيْتِ)، لكنَّه هُو في البَيْت فدَعَوْتُه منْه ليحْضُر، وهذِه الآيَةُ كقوْله تَعالَى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: ١٣، ١٤]، يعْنِي عَلَى وجْهِ الأرْضِ.
قوْله تَعالَى: {إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}: هَذا مِنْ آيَاتِ الله أيْضًا.

من فوائد الآية الكريمة:

الفائِدَةُ الأولَى: : أنَّ قيامَ السَّمواتِ والأرْضِ بأمْرِ الله ليْسَ للمَخْلُوقِين فِيه تعلُّقٌ إطْلاقًا، فاللهُ تَعالَى هُو الَّذي يُقِيم السَّمواتِ والأرْضَ، سواءٌ القيامُ الحسِّيُّ أو المعنَوِيّ.

الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: إثْبَاتُ الكلامِ لله؛ لقوْلِه تَعالَى: {بِأَمْرِهِ}، والمُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ قال: [بإِرادتِه]، وتقدَّم التَّنبيهُ عَلَى هَذَا، وأَنَّ المُرادَ بقوْلِه تَعالَى: {بِأَمْرِهِ} الكلامُ، فالأمْرُ الكلَامُ.

الصفحة 139