كتاب تفسير العثيمين: الروم

الآية (٢٧)
* * *

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: ٢٧].
* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ} للنِّاسِ {ثُمَّ يُعِيدُهُ} بَعْدَ هَلَاكِهِمْ، {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} مِنَ البَدْءِ].
قوْله تَعالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ}: أيْ يبْتَدِئُه، وأَتى بكَلِمَةِ {يَبْدَأُ} لأَنَّ الخلْقَ مستَمِرُّ، كلُّ يوْمٍ يكُونُ فِيه ابْتِداءُ خلْقٍ، الأجِنَّةُ فِي بُطونِ الأمَّهاتِ تنْشَأُ كلَّ يوْمٍ، وكَم في الدُّنيا فِي اليَوْم الواحِدِ مِن جَنينٍ يُكَوَّنُ؟ كَثيرًا جِدًّا ولِهَذا أَتى بالفِعْلِ المُضارعِ الدَّالِّ عَلَى الاسْتِمرارِ ولَمْ يقُلْ (بَدَأَ).
وقوْله تَعالَى: {ثُمَّ يُعِيدُهُ}: يَعْني ثمَّ هُو - أيْ الله عَزَّ وَجَلَّ - يُعِيدُه، ومَعْنى الإِعادَةِ ردُّه عَلَى مَا كانَ أوَّلًا، كَما فِي قوْلِه تَعالَى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: ١٠٤]، وأخْبَر النّبيُّ عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنَّ النّاس يُحشَرُون يَوْم القِيامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا كَما بُدِئُوا (¬١).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}، رقم (٣٣٤٩)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، رقم (٢٨٦٠).

الصفحة 145