كتاب تفسير العثيمين: الروم
هُوَ بنفسه عَلَى نفسه كما فِي قوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤].
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدَةُ الأولَى: تسليةُ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - وتحذيرُ المخالِفين لَهُ، تسليته بمن سبقه من الرّسل فقد كُذِّبوا وأُوذوا، فإذا علم أن أَحَذا شاركه فِي ذَلِك وإن علَيْه الأمر لأَنَّ كل إِنْسَان يتسلى بما أُصيب بِهِ غيره بمثله؛ وَلِهَذا قالَ الله تَعالَى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: ٣٩].
الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: تحذيرُ المخالِفين لَهُ لقوْلِه تَعالَى: {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}.
الفائِدَةُ الثَّالثةُ: رحمةُ الله عبادَه بإرسال الرّسل إذ لولا هَذِهِ الرّسالة مَا عرف النَّاس كَيْفَ يَعْبُدُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ بل ولا عرفوا مَا عرفوا من تفاصيل أسمائه وصفاته كما سبق فِي درس التّوحيد، فالرّسل رحمة عظيمة للخلق كما قَالَ تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧].
الفائِدَةُ الرابعةُ: أن الانْتِقامَ من المكذبين كَانَ بسبب فعلهم لقوْلِه تَعالَى: {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} أي لإجرامهم.
الفائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الرِّسالاتِ السَّابقةَ خاصةٌ لقوْلِه تَعالَى: {إِلَى قَوْمِهِمْ} ويبيِّنه الحديث الثّابت فِي الصّحيحين: "وَكَانَ النَّبِيّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (¬١).
الفائِدَةُ السّادِسَةُ: أن الله تَعالَى مَا أرسل الرّسل إِلَّا ببينات تشهد بصدقهم
---------------
(¬١) التخريج السابق.
الصفحة 301
358