كتاب تفسير العثيمين: الروم
الآية (٥١)
* قَالَ اللهُ - عز وجل -: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١)} [الروم: ٥١].
قوْله تَعالَى: {وَلَئِنْ} اللام هُنَا لام قسم دخلت عَلَى (إن) الشّرطية، وقوْله تَعالَى: {لَظَلُّوا} هذَا هُوَ الجواب، لَكِنَّهُ جواب لأيهما: للشرط أو للقسم؟ هُوَ جواب للقسم؛ لأنَّهُ لو كَانَ جوابًا للشرط مَا احتاج إِلَى اللام، الفعل الماضي يُجاب بِهِ الشَّرط بدون واسطة، وأيضًا فإن القاعدةَ عند أهل العِلْم بالعربية أنَّه إِذَا اجتمع شرط وقسم يحذف جواب المتأخر منْهُما، قَالَ ابن مالِك - رحمه الله - (¬١):
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَم ... جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهُوَ مُلْتَزَم
فالقَسَمُ دَلَّ علَيْه اللام الموطئة للقسم، ويوجد شرط (إنْ) والجوابُ الآن للقَسَمِ {لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} وجوابُ الشَّرط محذوف دل علَيْه جواب القسم {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا} انظر الفرق فِي الأول يقول الله - عز وجل -: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} وهنا قَالَ: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا} مفرد، وقد ذكرنا سابقًا أن الجمع يَكُون رحمةً، والإفرادَ يَكُون عذابًا هذَا الغالب.
قوْله تَعالَى: {فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا}: (رأوه) الضّمير لا يعود عَلَى الرّيح لكِنَّهُ يعود
---------------
(¬١) ألفية ابن مالك (ص: ٥٩).
الصفحة 326
358