كتاب تفسير العثيمين: الروم

السّبب لأَنَّ البصر تتعلق بِهِ الدّلالة وَهِيَ الهداية بخلاف الصَّمَمِ فيتعلق بِهِ السّمع.
قال المُفَسِّر - رحمه الله -: [{إِنْ} مَا {تُسْمِعُ} سماعَ إفهام وقبول {إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} القرآن {فَهُمْ مُسْلِمُونَ}].
فسر المُفَسِّر - رحمه الله -: (إنْ) بـ (ما) التفسيرية؛ وَلِهذا لا تدغم بـ (إن) لا يُقَال (إمَّا) بل يُقَال (إن) ثمَّ يُقَال (ما) عَلَى سبيل الإظهار لأَنَّ (ما) تفسير لها فهي هي.
قوْله تَعالَى: {تُسْمِعُ} قَالَ المُفَسِّر - رحمه الله -: [سماع إفهام وقبول، مَا تسمع {إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} القرآن {فَهُمْ مُسْلِمُونَ}]، أي فبناءً عَلَى إيمانهم هم مسلمون منقادون؛ لأَنَّهُ كلما تم الإِيمَان تم الانقياد، فكلما كَانَ الإنسانُ أقوى إيمانًا فإِنَّهُ يَكُون أعظم انقيادًا؛ وَبها فإن الإِيمَان يستلزم الإسْلامَ، كل مؤمنٍ مسلمٌ ولا عَكْسَ، فليس كل مسلم مؤمنًا، قد يستسلم الإنسان ظاهرًا وقلبه مُنْطَوٍ عَلَى الكفر - وَالعياذُ بِاللهِ - بخلاف الإِيمَان، وَبهذا رتَّب عَلَى الإِيمَان، الإسْلام بالفاء {فَهُمْ مُسْلِمُونَ} فهم من أجل إيمانهم مسلمون منقادون.
قوْله تَعالَى: {إلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} قَالَ المُفَسِّر: إنَّها القرآن، مَعَ أن آيات جمع وليست مفردًا، فما هُوَ الجواب عن قول المُفَسِّر - رحمه الله -؟
الجوابُ: أن فِي قَوْلِهِ قُصورا، والحق أن المُرَاد بالآيات مَا هُوَ أعم من القرآن فيشمل جميع الكتب المنزلة ويشمل كَذَلِكَ الآيَات الكونية بأن يؤمن بأن هذَا الكون خلقه الله - عز وجل - لأَنَّ من النَّاس من لا يؤمن بالآيات الكونية انظر {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا}، ماذا يقولون: شيء طبيعي، يقُولونَ: الكون مادة وطبيعة تتفاعل وَينتجُ بعضها من بعض وما أشبه ذَلِك مَا آمنوا بالآيات.

الصفحة 332