كتاب تفسير العثيمين: الروم

والآيَات الشّرعية كَذَلِكَ، فمن النَّاس من لا يؤمن بها، ويكذبُ بأخبارها ويستكبرُ عن أحكامها، وَهذا كثيرٌ.
إِذَن: الصّواب أن المُرَاد بقوْله تَعالَى: {بِآيَاتِنَا} لا يشمل الآيات الشّرعية كلها لكل الكتب النّازلة والآيات الكونية كلها؛ لأَنَّ من النَّاس من ينكر الآيات الكونية كما هُوَ معلوم.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} معلومٌ أن المُؤْمِنَ سامعٌ فكيف يقول: {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ} والمُؤْمِنُ سامع فكيف نُجِيبُ عن هذا؟
فالجوابُ: عن هذَا من أحد وجهيْن:
- إمَّا أن يُقَالَ: {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ} أي إِلَّا من كَانَ مستعدًا للإيمان بما تقول ومكتوب عند الله - عز وجل - أنَّه مؤمن بحيث إن الله قدر لَهُ ذَلِك فَهذَا يسمع وينتفع، وَهذا أمر غير معلوم للرسول - صلى الله عليه وسلم - لكن يجب علَيْه أن يبذلَ الدَّعوة فيُسمِعُها من كَانَ فِي عِلْمِ الله أنَّه مؤمن وكان مستعدًا للإيمان هذَا وجه.
- أو يُقَال: إن الدّين شرائعُ لَيْسَ شَيْئًا واحدًا بل هُوَ شرائعُ وشعائرُ متعددة، فالَّذي ينتفع بهذه الشّعائر ويطبقها هُوَ المُؤْمِن بِها يعني الَّذي يسمع مَا يتلقى بعد ذَلِك من شعائر الإسْلام وشرائعه، هذَا المُؤْمِن الَّذي وقع الإِيمَان مِنْهُ فعلًا هُوَ الَّذي يسمع كل مَا دعا إِلَيْهِ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - من جميع شرائع الدّين وَعَلَى قول من يثبتون للدين أصولًا وفروعًا نقول أصول الدّين وفروعه.
لكن شيخ الإسْلام ابن تيمية يقول: "إن تقسيم الدّين إِلَى أصول وفروع قولٌ مُبْتَدَع لا دليل علَيْه"، وَهُوَ صحيح لا تجد فِي القرآن والسّنة أصولًا وفروعًا فِيها

الصفحة 333