كتاب تفسير العثيمين: الروم

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَل الكفَّارُ يُؤمِنُون بوجُودِ الله أمْ يُنْكِرونَ وُجودَه؟
قُلْنَا: يخْتَلِفُون، فمِنْهم مَن يُنْكِرُ وُجودَ الله، ومِنْهُم مَن لَا يُنْكِرُ، لكِنَّ الَّذي لا يُنْكِرُ وُجُودَ الله ويُؤْمِنُ بِوجُود الله ثمَّ يَعْبُد غيرَهُ ويُشْرِكُ فهَذا مُتَناقِضٌ.

من فوائد الآية الكريمة: :

الفائدة الأولى: قُصُور عِلْم المرْءِ؛ لقوْلِه تَعالَى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، ليْسَ كُلَّ الظّاهِر، وليْسَ الباطِنَ، فالمرْءُ علْمُه قاصِرٌ حتّى في أُمورِ الدّنيَا أيضًا، فَلا يمْكِنُ للمَرْء الإحَاطَةُ بعِلْمِ الدّنْيا.

الفائدة الثانية: ذَمُّ الَّذِين يتكالَبُون عَلَى العلومِ الدّنْيويَّة مَع غفْلَتِهم عَن الآخرةِ؛ لقوْلِه تَعالَى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}.

الفائدة الثالثة: أنَّها تتضمَّنُ مدْحَ مَنْ يُقْبِلونَ عَلَى الآخرةِ، ويَحْرِصُونَ علَيْها وإِنْ فَاتهم شيْءٌ مِنْ أُمورِ الدّنيا؛ لأنَّهُ إذَا ذَمَّ مَن كانَ عَلَى العكْس فذَمُّ الضّدِّ مدْحٌ لضِدِّه، فالَّذِين يُقْبِلُونَ عَلَى الآخرةِ - وإِنْ كانَ ليْسَ عنْدَهُم إلا عُلُومٌ قليلَةٌ مِن الدّنيا - أكمَلُ بكَثِيرٍ مِنَ الَّذِين يُقْبِلُون عَلَى الدّنيا ويَغْفَلُونَ عنِ الآخرةِ، وَهَذا ما تدُلّ علَيْه هَذِهِ الآيَات.

الصفحة 38