كتاب تفسير العثيمين: الروم

نُصدِّرُه لغَيرنا فنكسبُ، فإِثَارَة الأرْضِ مِنْ أسْبَابِ القوَّةِ، وَكَذلِكَ عُمْرَانُ الأرْضِ بِغَيْر الإثَارةِ بالبنَاءِ والتّجَارَةِ وما أشْبَهَ ذَلِك مِنْ أسْبابِ القوَّةِ.

الفائدة السابعة: أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى ما تَرك أحدًا بدُونِ رُسُلٍ؛ لقوْلِه تَعالَى: {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ}.
الفائِدَةُ الثّامِنهُ: أنَّ كلَّ رسولٍ معَه بيِّنَة تُؤَيِّدُهُ؛ لقوْلِه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}.

الفائِدَتانِ التّاسِعَةُ والعاشِرَةُ: نسْتَفِيدُ مِن إِرْسالِ الرّسُلِ وإيتَائِهِمُ البيِّناتِ فائِدَتَيْن وهُمَا:
أولًا: رحْمَةُ الله عَزَّ وَجَلَّ وحِكْمَتُه، أمَّا الرّحمَةُ فلأنَّ العقُولَ لا يُمْكِنُ أن تهتَدِيَ لما يُريدُهُ الله منْهَا إلا بالوَحْي، فَلا يُمْكِنُ لِلإِنْسَانِ بعقْلِه أنْ يعْرِفَ كيْفَ يتوضَّأُ، وكَيْف يُصلّي، وكَيْفَ يصُومُ، وكَيْفَ يحجُّ.
إِذَنْ: لا بُدَّ مِن أنْ يكُونَ هناكَ رسُولٌ يَأتِيهِ الوَحْيُ مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ ليبين لنا مَا يرْضَاهُ الله ومَا لا يَرْضَاهُ.
ثانيًا: كونُ هَؤُلاءِ الرّسُل يأتونَ بالبيَّناتِ مِن الرّحمَةِ لَوْ أَرْسَل الله الرّسُلَ بدُونِ بينات وألزَم العبَادَ أنْ يَخْضَعُوا لهمْ بِدُون أنْ يكُونَ هُناكَ بيِّنَةٌ يطْمَئنُّونَ إلَيْها يكُون في هَذا مِن العنَتِ والمشَقَّةِ مَا لا يعْلَمُه إلا الله، ولكِنْ مِن رَحْمَةِ الله جَلَّ وَعَلَا أنْ جعَلَ مَعَ كُلِّ نَبي بيِّنَةَ، ولَاحِظ أنَّ الأنبِياءَ الَّذِين تُقَيَّدُ نُبوَّتُهم ورسالَتُهم بزَمَنِ أوْ مكَانٍ وهُمْ جَمِيعُ الأنبِياءِ مَا عَدا محَمَّدَا عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَجِدْ آياتهمْ غالبًا آيات حِسيَّةً تنتهي بانْتِهائِهِمْ، وتكُونُ بعْدَ موتهم خبَرًا يُنْقَلُ ويُؤثَر، أمَّا النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فآياتُه اشتَمَلَتْ عَلَى

الصفحة 59