كتاب تفسير العثيمين: القصص

بمعنى: طَلب، طلب أمر.
قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{تَخْرُجْ} خِلَافُ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الأُدْمَةِ] والأُدمة: السُّمْرة، أي اللَّون الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ البياض والسواد، يُسَمَّى أُدْمَة، وكان موسى -صلى اللَّه عليه وسلم- آدَمَ.
قوله تعالى: {بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي: مِنْ غَيْرِ عيب؛ لأن العيب يَسُوء المرءَ، وَالْبَيَاضُ الَّذِي يَسُوء المرءَ هو البَرَصُ، وَلِهَذَا قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [أَيْ: بَرَص] وقوله: {بَيْضَاءَ} حَالٌ مِنْ فَاعِلِ {تَخْرُجْ}.
{بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} قال: [فَأَدْخَلَهَا وَأَخْرَجَهَا تُضِيءُ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ تُغْشِي الْبَصَرَ] وهي مبالَغة، يكفينا أَنْ نَقُولَ مَا قَالَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} يعني: ليس بَرَصًا، بل بياضًا، وَأَمَّا أَنْ تَكُونَ تُضيء لكان اللَّهُ يَقُول: تخرج مُضيئة؛ لأن الإضاءة أَبْلَغُ مِنْ مُجَرَّد البياض، كَذَلِكَ أَيْضًا أقوى للآية، وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {بَيْضَاءَ}.
قوله تعالى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [بِفَتْحِ الحَرْفَيْنِ، وَسُكُونِ الثَّانِي مَعَ فَتْحِ الأَوَّلِ وَضَمِّهِ، وَسُكُونِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الهَاءُ]. [مَعَ فَتْحِ الاوَّلِ] الَّذِي هُوَ الراء، [وَضَمِّهِ] فتكون القِراءَة بثلاثة: "الرَّهَب"، و"الرَّهْب"، و"الرُّهْب"، "وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهَبِ" هِيَ الْقِرَاءَةُ التي بَدَأَ بِهَا المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، "وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرُّهْبِ" صحيح، "وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهَبِ" أَيْضًا صحيح (¬١).
---------------
(¬١) شرح طيبة النشر، لابن الجزري (ص ٢٩٢).

الصفحة 155