كتاب تفسير العثيمين: القصص
{فِرْعَوْنَ}: المَلِك، {وَهَامَانَ}: وَزِيرُه، {وَجُنُودَهُمَا}: أتباعهما الَّذِينَ يَمْتَثِلُونَ بأَمْرِهِما، وكلمة جنود: جمع جُند، والجُند هم أنصار الإِنْسَان.
قوله تعالى: {كَانُوا خَاطِئِينَ} مِن الخطيئة، أي: عاصين، فعُوقبوا عَلَى يَدَيْهِ.
وهناك فرقٌ بين الخاطئ والمخطئ؛ فالخاطئ -مثلًا- مَنْ قتلَ مُتَعَمِّدًا، أَمَّا مَنْ قتلَ غَيْرَ مُتَعَمِّد فَهُوَ مُخْطِئٌ، ولذلك فإن الخاطئ مُعذَّب، والمخطئ غير مُعذَّب، قَالَ اللَّهُ تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: ١٦].
والمخطئ لَيْسَ عَلَيْهِ إِثْمٌ، قَالَ تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، والفعل مِن خاطئ: خَطِئَ، والفعل مِن مخُطئ: أخطأ. هَذَا هُوَ الْفَرْقُ.
إذن: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {خَاطِئِينَ} أي: وَاقِعَيْنِ فِي الْخَطَأ عَن عَمْدٍ وقَصْد، وَلِهَذَا قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [أَيْ: عَاصِينَ فَعُوقِبُوا عَلَى يَدَيْهِ].
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أَنَّ أَتْبَاعَ الرَّجُلِ وحاشيتَه مِن آلِه؛ لقوله: {آلُ فِرْعَوْنَ} وقد أن المفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ: [أعوانُ فِرْعَون].
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ مَهما بَلَغَ فِي العُتُوِّ والاستِكْبار، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ المستقبَل، وهذا مَأْخُوذٌ مِنْ أَنَّ آلَ فِرْعَوْنَ مَا عَلِمُوا أَنَّ هَذَا الطفل سيكون عَدُوًّا لهم وحَزَنًا.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ المُؤْمِنِينَ أعداءٌ للكُفَّار، لقوله: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا}، وأنهم أيضًا حَزَنٌ لهم، وَهَذَا أَمْرٌ ظَاهِرٌ.
وَلَا شَكَّ أنهم يُساءون بما يَسُرُّهم، والعكس صحيح.
الصفحة 35