كتاب تفسير العثيمين: القصص
الآية (١١)
* * *
* قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [القصص: ١١].
* * *
قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ} مَرْيَمَ {قُصِّيهِ} اتَّبِعِي أَثَرَهُ حَتَّى تَعْلَمِي خَبَرَهُ {فَبَصُرَتْ بِهِ} أَبْصَرَتْهُ {عَنْ جُنُبٍ} مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ اخْتِلَاسًا {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أَنَّهَا أُخْتُهُ وَأَنَّهَا تَرْقُبُهُ].
قوله تعالى: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ} قَالَ المُفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [مريم]. وَنَحْنُ نَقُولُ له: مِنْ أَيْنَ لَك أَنَّ اسمها مريم؟ وَمِثْلُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الإسرائيليات، وَهُوَ أَمْرٌ لَا يَعْنِينا، وَلَوْ كَانَ مُهِمًّا لَبَيَّنَه اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وقد يقول الْبَعْضُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {لِأُخْتِهِ} إِنَّهَا كَانَتْ أُخْتَهُ مِن أبيه أَوْ مِنْ أُمِّهِ، ولكن الأُخُوَّة هنا مُطلَقة، فَيَكُونُ المُرَادُ شقيقته، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ أُمِّهِ أو أبيه لقُيِّدَتْ.
قَوْلُهُ تعالى: {قُصِّيهِ} هو أي: اتَّبِعِي أَثَرَهُ حتَّى تعلمي خبرَه، والقَّص معناه: التتبُّع، يعني: تتبَّعي أثرَه، وابحثي عنه.
قَولهُ تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ} أي: أبصرَتْه، والفاء فِي قَوْلِهِ: {فَبَصُرَتْ} للترتيب والتعقيب، أي: إِنَّهَا مَا ذَهَبَتْ بعيدًا حتَّى رأته.
وقوله تعالى: {عَنْ جُنُبٍ} أي: مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، وَعَلَى هَذَا فالموصوف محذوف،
الصفحة 51