كتاب تفسير العثيمين: العنكبوت

الآية (١٨)
* * *
* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [العنكبوت: ١٨]
* * *

من فوائد الآية الكريمة:
الفَائِدةُ الأُولَى: تَهديدُ المكذِّبينَ للرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لقَولِهِ: {فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ}، وقد عَلِموا ما جَرَى لهم، فعَلى هذا يكونُ في ذلِكَ تَهديدٌ لهؤلاءِ المكذِّبِينَ للرسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
الفَائِدةُ الثَّانِية: أن الرُّسُلَ يجبُ عليهم الإبلاغُ لقولِهِ: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}؛ لأن (على): تُفِيدُ الوجوبَ، قال اللَّه تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧]، يعني: الواجِبَ، فـ (على): إذا قيل: على فُلانٍ كذا وكذا، فإنها تُفِيدُ الوجوبَ.
الفَائِدةُ الثَّالِثةُ: أن الرُّسلَ لا يجبُ عليهم هِدايَةُ الخَلْق، فليس عليهم إلا البلاغُ، أما الهدِايةُ فإلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وكذلك الحسابُ على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، قال تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: ٤٠].
الفَائِدةُ الرَّابِعةُ: وجوبُ الإبلاغِ على أهلِ العِلمِ؛ لأن العلماءَ ورَثَةُ الأنبياءِ (¬١)،
---------------
(¬١) كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود: كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم (٣٦٤١)؛ =

الصفحة 73