كتاب تفسير العثيمين: الزمر

على القَلْب لا بُدَّ أن يَعِيَه القَلْب.
قال رَحِمَهُ اللهُ: [{الْعَزِيزِ} في مُلكه, {الْحَكِيمِ} في صُنْعِه] {الْعَزِيزِ} لها معانٍ:
الأوَّل: عزيز بمعنى: غالِب.
ومنه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: ٨] قاله الله تعالى جوابًا على قول المنافقين: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: ٨] فسَلَّم الله ذلك: أنَّ الأَعَزَّ يُخْرِجُ الأَذَلَّ، لكن قال: العِزَّةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، أما المنافقون فلا عزَّة لهم حتى يستطيعوا أن يُخرجوا المؤمنين منها.
ومنه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨].
الثاني: عزيز بمعنى: قَوِيٍّ، شديد القوة؛ ومنه قولهم: أرض عَزَازٌ؛ يعني: صُلْبة قويَّة؛ ومن المعلوم: أنَّ الله تعالى في صفاته كُلِّها شديدٌ قويٌّ، فكل الصفات كامِلَة ليس فيها نَقْصٌ ولا وهَنٌ ولا ضَعْفٌ.
الثالث من معنى العِزَّة: الامتناع. فالامْتِناعُ يعني: أنَّه مُمْتَنِعٌ عن أن ينالَه سوءٌ.
فهذه ثلاثة معانٍ للعزيز: غالب، قوي، ممتنِع عن كل نَقْص.
وأما قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [في مُلْكِه] فإنه قاصر في الحقيقة جدًّا؛ لأنَّه إذا قُيِّدَتِ العِزَّة في الملك فإنَّها لا تتناول إلا العزيز بمعنى: الغالب أو القوي.
وأما: {الْحَكِيمِ} فيقول رَحِمَهُ اللهُ: {الْحَكِيمِ} في صُنْعِه] أي فيما صَنَع، وهل يُوصَف الله تعالى بأنه صانِعٌ وأنَّ له صُنعًا؟
الجواب: نعم، يُوصف الله بأنه صانع، وأنَّ له صنعًا، قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {صُنْعَ

الصفحة 14