كتاب تفسير العثيمين: الزمر

وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ}: {إلَيْكَ} هذا الغاية، والخطاب للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقوله: {الْكِتَابَ} أي: المكتوبَ، وهو القرآن، وسبق وَجْهُ كَوْنِه كتابًا.
وقوله: {بِالْحَقِّ} مُتَعَلِّق بـ (أنْزَل)، {بِالْحَقِّ} الباء هنا للمُلابَسَة وللتَّعْدِيَة، يعني أنَّ الكتاب نفسه نزل حقًّا من عند الله لا مِن عند غيره، أنزلناه بالحَقِّ يعني: بالتَّأكيد أنَّنا أنزلناه إليك من عندنا.
وقلنا أيضًا: (للتَّعْدِية) بمعنى: أنَّ الكتابَ نزَلَ بالحَقِّ، أي: إنَّ ما اشتملَ عليه القرآنُ فهو حَقٌّ.
فعلى الوجه الأول يكونُ المرادُ بقوله: {بِالْحَقِّ} تأكيدًا أنه نزل من الله؛ وعلى الوَجْه الثاني: يكون المعنى: أنَّ كُلَّ ما اشتمل عليه القرآن من أخبارٍ وأوامِرَ ونواهٍ وغيرِها، فهو حَقٌّ.
إذن: قوله: {بِالْحَقِّ} له معنيان:
المعنى الأول: أنَّ القرآنَ نزَلَ مِن عند اللهِ حقًّا لا باطلًا.
المعنى الثاني: أنَّ ما اشتَمَل عليه القرآنُ فهو حَقٌّ؛ أوامر، نواهٍ، أخبار، قَصص؛ كلُّها حَقٌّ.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} مُتَعَلِّقٌ بأنزل]، ولم يقل: مُتَعَلِّق بأَنْزَلنا؛ لأنَّ المُتَعَلِّق إنما يتعلَّق بالفعل، أما (نا) فهي ضمير، خارجة عن الفعل.
قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} الفاءُ للتَّفْريع، وعلامة فاء التَّفْريع أنَّ

الصفحة 21