كتاب تفسير العثيمين: الزمر

الآية (٦٥)
* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥].
قوله تعالى: {وَلَقَدْ} هذه الجُملةُ مُؤكَّدة بمُؤكِّدين: اللَّام، والقسَم المُقدَّر، والتَّقدير: واللهِ لقَدْ.
وقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} في هذا إشكالٌ: وهو كيف يَقول الله تعالى في حقِّ رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}؟ وهل يَجوز أن يُشرِك؟
الجَوابُ: من وَجْهَيْن:
الوَجْه الأوَّلُ: أن المُراد بهذا الأُمَّةِ، وإن كان الخِطاب مُوجَّهًا للرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فالمُرادُ به الأُمَّة، كقوله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٨٨].
الوجه الثاني: أن التَّعليق بالشَّرْط لازِم منه وُقوع المَشروط، ونَظيره قولُه تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: ٨١]، ومَعلومٌ أنه يَمتَنِع أن يَتَّخِذ الله تعالى ولَدًا.
قوله تعالى: {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} مُؤكَّدة باللَّام والقسَم المُقدَّر؛ لأن اللَّام هذه تَكون جَوابًا للقسَم.

الصفحة 441