كتاب تفسير العثيمين: الزمر

الآية (٥)
* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [الزمر: ٥].
ثم قال المُفَسِّر: [{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} مُتَعَلِّقٌ بـ {خَلَقَ}]، هذه الآية جاءت عَقِبَ ردِّ قول من يقول: إنَّ لله وَلَدًا ليبيِّن أنَّ الخالق للسموات والأرض غنِيٌّ عن الولد ولا يحتاج إليه؛ لأنَّ الكلَّ ملكه، ولا يحتاج للولد إلا من كان غيرَ مالكٍ تمامَ المِلك.
قوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ} السموات جمع: سَماء، والسَّماء تطلَق على معنيين:
المعنى الأول: العُلُوُّ وإن كان دون السَّموات.
والمعنى الثاني: السَّموات المعروفة، السقف، التي بناها الله عَزَّ وَجَلَّ.
فمن الأول قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: {مِنَ السَّمَاءَ} يعني من السَّحاب، والسماء ليست لاصقة في السماء السقف، ولكنه في العُلُوِّ، ومنه قوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: ١٥]؛ أي: إلى العلو.
وأما الثاني الذي هو البِناءُ، فهو كثير؛ قال الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ

الصفحة 45