كتاب تفسير العثيمين: الزمر

أمَّا في الشَّرْع: فالجَنَّة هي الدار التي أَعَدَّها الله تعالى لأَوْليائه، التي فيها ما لا عَينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سمِعَت، ولا خطَر على قَلْب بشَر.
وقوله تعالى: {زُمَرًا} جَمْع: زُمْرة، ومَعناها: جماعات مُتفرِّقة، وكيفية تَوْزيع هذه الجَماعات قيل: جماعات حسَب الأُمَم. وقيل: حسَب الأعمال. والقول الأَرجَحُ: أنه بحسَب الأعمال، والدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" (١)، ثُم يَتَتابَع الناس على حسَب أعمالهم، فالنار مِثلها، يَعنِي: أن الأسبَق إلى النار الأشَدُّ جُرْمًا كالأسبَق إلى دُخول الجنَّة الأفضَلُ عمَلًا.
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الفاتِح خزَنَتُها.
وقوله تعالى: {حَتَّى} للغاية {إِذَا جَاءُوهَا} أي: جاؤُوا الجَنَّة.
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} إذا قرَأْت الآية هكذا سيَبقَى قلبُك مُعلَّقا، ستَقول: أينَ جوابُ {إِذَا}؟ فقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} كلُّها جُمَل مُتَعاطِفة.
الجَوابُ: اختَلَف المُعرِبون في ذلك:
فمِنهم مَن قال: إن جوابَ (إِذَا) (فُتِحَتْ)، وإن الواو زائِدة. ولكن هذا القولَ ضعيف؛ لأن زيادة الواو لم يُعهَد في اللغة العربية.
ومنهم مَن قال: إن الواو للحال بتَقدير (قَدْ)، أي: (حتى إذا جاؤُوها وقد
---------------
(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم (٣٢٥٤)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، رقم (٢٨٣٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

الصفحة 497