هذا يتضمَّن أَمْرًا إِمْرًا؛ إذ إنَّك إذا قلت: لا إله موجودٌ إلا الله، جَعَلْتَ الآلِهَة الموجودَةَ جَعَلْتَها الله، وهذا خطأ عظيم! بل الواجب أن نقول: لا إله حقٌّ إلا الله، نَعَم، إلا الله؛ أما في الآية فـ (إلا هو).
إذن: فما محل: (هو) من الإعراب؟
الجوابُ: بدلٌ من الخَبَرِ المحذوف. يقول: {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}: (أنَّى) اسْمُ استفهامٍ، والمراد به: التَّوْبيخُ والتَّعَجُّب يعني: كيف تُصْرَفُون عن عبادة الله عَزَّ وَجَلَّ وأنتم تعلمون أنه لا إله إلا هو، هذا خطأ، سَفَهٌ في العقل، وضلالٌ في الدِّين.
وقوله: {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [عن عبادته إلى عبادة غَيْرِه].
إذا كان هذا الاستفهام للتَّوبيخ والتَّعجُّب فإنه يقتضي أن يكون هذا الانصراف حرامًا؛ لأنَّه لا يوبَّخُ إلا على شيء مُحَرَّم - والله أعلم - لأنَّ أهواءهم هي التي غَلَبَتْهُم، وكلمة {تُصْرَفُونَ} تدل على الانْصِراف؛ لأنَّهُم صُرِفوا، لكنَّهم صَرَفَتْهم أهواؤُهُم والشياطينُ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ أَصْلَ البَشَرِيَّة من آدم، وليس كما يقول القرود: إنَّ أصلها قِرْد ثم تطوَّر؛ لقوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وقد بيَّن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كيف خلق هذه النَّفْس في مواضع من القرآن.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ البشرية حادِثَة وليست أَزَلِيَّة؛ لقوله: {خَلَقَكُمْ} والخلق يقتضي الحدوث.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ الله جعل أزواجَ بني آدم من جِنْسه؛ لقوله: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا