كتاب تفسير العثيمين: النور

الآية (٢٠)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وجلَّ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (٢٠)} [النور: ٢٠].
* * *

قَوْلهُ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [أَيَّهَا الْعُصْبَة {وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} بِكُمْ لَعَاجَلَكُمْ بِالْعُقُوبَةِ] اهـ.
كرر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى هُنا قَوْلهُ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ... }؛ لأَن المقام كله مَقام عَظِيم، ففي الآية الأولى الَّتِي قبل قصة الإِفْك وكانت في القَذْف وهو أمر عَظِيم وتدنيس لأعْرَاض المُسْلِمِينَ قَالَ: فلولا فضل الله على المُسْلِمِينَ ورحمته بإقامة الحُدُود الَّتِي تردعهم وتمنعهم لحصل ما حصل، وكَذلِك ذكر {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} في قصة الإِفْك فقد ذكرت ثلاث مرات.
قَوْلهُ: {وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} الرأفة هي الرَّحمة المتضمنة للرِّقَّة البالغة، يعني أخَّها أخص من الرَّحمة المطلَقة، رحمة وزيادة ولهذَا قَالَ: {رَحِيمٌ} فجمع بين الأخص من حيث المَعْنى والأعم، فالرَّحمة أعم من الرَّأفة فكل رأفة رحمة ولا عكس لأنَّها أي الرَّأفة رحمة من نوع خاصٍّ تقتضي زيادة في الرَّحمة وعناية به، و (الرحيم) سبق أنَّه من أَسْماء الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وقد قسم العُلَماء الرَّحمة إلى قِسْمَيْن: عامَّة وخاصة، فالعامَّة هي الشَّاملة لكل أحد من مُؤْمن وكافر وبر وفاجر وإنسان وبهيم.

الصفحة 110