كتاب تفسير العثيمين: النور

أرحمُهُ، بَل قُل: لا أرحمُهُ؛ لأنَّ مَن هُو أرْحَمُ مِنِّي أمَر بجلْدِه، ونَهاني أنْ أرأَفَ بِه، فقالَ: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النور: ٢].
فإِذا قال: اجْلِدوه في بيْتِه حتَّى لا يطَّلِع عليه أحدٌ، قُلْنا: قال تَعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، والَّذي شرَّع هَذه الحُدودَ اللهُ، وهُو أرْحَم مِن الخَلق جَميعًا، فهو أرْحَم مِن الوالِدَة بولَدِها؛ لأنَّ في إقامَةِ الحُدودِ مصالِحَ عظِيمةً لا تُحْصى، فَفِيها ردْعٌ وتطْهِيرٌ.
وقولُه تَعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فسمَّى اللهُ الحدَّ عذابًا، فإِن لم تشْهَد وَجب الحدُّ علَيْها.
* * *

الصفحة 21