كتاب تفسير العثيمين: النور
الآية (١٠)
° قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (١٠)} [النور: ١٠].
قَوْلهُ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [بِالسَّتْرِ فِي ذَلِك، {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ} بِقُبُولِهِ التَّوْبَةَ فِي ذَلِك وَغَيره، {حَكِيمٌ} فِيمَا حَكَمَ بِهِ فِي ذَلِك وَغَير، لِيُبَيِّن الحَقَّ فِي ذَلِك، وَعَاجَلَ بِالْعُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا]. اهـ.
قَوْلهُ: {وَلَوْلَا} شرطية، ويُسمونها حرفَ امتناعٍ لِوُجود، يعني أنَّها منعت شيئًا لِوُجود شَيْء، هُنا ننظر ما الَّذِي امتنع لِوُجودِ الشَيْء؛ الَّذِي امتنع هو الجوابُ المحذوفُ أي جواب {وَلَوْلَا} وهو ما قدره المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ بقَوْلهُ: [لِيُبَيِّنَ الحقَّ فِي ذَلِك، وَعَاجَلَ بِالْعُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا]، هَذَا هو الَّذِي امتنع، لِوُجود فضل الله.
فالحاصِل: أن الَّذِي منع جواب {وَلَوْلَا} في هَذ الآيَة هو فضلُ الله ورحمته.
وأما {فَضْلُ} فهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرُه محذوفٌ والتَّقدير موجود، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} موجدان لحَصَلَ كذا وكذا؛ لأَن {لَوْلَا} يُحذف بعدها الخبرُ وُجوبًا، قَالَ ابنُ مالكٍ رَحِمَهُ اللهُ (¬١):
وَبَعْدَ لَوْلَا غَالِبًا حَذْفُ الخبَر ... حَتْمٌ ...................
---------------
(¬١) البيت رقم (١٣٨) من الألفية.
الصفحة 47