كتاب تفسير العثيمين: النور

الآية (١١)
° قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١)} [النور: ١١].
* * *

قَوْلهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} قَالَ المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [أَسْوَأُ الْكَذِبِ عَلَى عَائِشَة - رضي الله عنه - أُمِّ المُؤْمِنِينَ، بِقَذْفِهَا، {عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} جَمَاعَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ وَمسْطَحٌ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ]. اهـ.
قَوْلهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} (أَلْ) هُنا للعَهْدِ الذِّهني؛ أي الَّذِي هو معْلُومٌ عندهم.
ومفهوم قَوْلهُ: {بِالْإِفْكِ} [أَي: أَسْوَأُ الْكَذِبِ، كما قَالَ المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-، نعم، هَذَا أسوأ كذبٍ يَكُون؛ لما يَتَضَمَّنُه من القَدْحِ بأمهاتِ المُؤْمِنين، وبالتالي بالنَّبي -صَلَّى الله عليه وسلم- كما يتبَيَّن من الآيات في سِيَاقها.
وقَوْلهُ: {عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} أي: جماعةٌ، وقَوْلهُ: {مِنْكُمْ} الخِطَاب للمُؤْمِنِينَ، وكونهم من المُؤْمِنِينَ يدلُّ على أنهم لم يخرجوا من الإِيمَان بِذَلِك؛ أي: بهَذَا القَذْفِ؛ لأنَّه صَدَرَ قبل أن يَتبَيَّنَ الحُكْمُ في هَذَا، وإلا فمَن قَذَفَ واحدةً من زوجاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم-، عَائِشَة أو غيرِها، فإنَّه كافرٌ مرتدٌ يُستتاب، فإن تابَ وإلا قُتِلَ.

الصفحة 54